سجلت زيارة الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع لواشنطن، ترجمة جديدة لصلابة الموقف السعودي في مواجهة التحكمات الأمريكية الأخيرة التي صاحبت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية؛ إذ الْتقى بوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان.
شهدت الزيارة تصريحًا أمريكيًّا بالغ الأهمية في الوقت الحالي الذي يشوبه تخبط أمريكي كاد يؤثر على علاقات البلدين؛ إذ قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: إن واشنطن ملتزمة في شراكتها الدفاعية التي وصفها بـ"القوية" مع المملكة؛ معربًا عن سعادته بلقاء الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز.
تصريح "أوستن" أكده مسؤولون أمريكيون كبار الْتقى بهم نائب وزير الدفاع السعودي خلال زيارته؛ حيث قالوا نفس الكلمات التي شددت على قوة الشراكة الدفاعية، والتزام واشنطن بدعم المملكة في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية، والتهديدات البحرية، والمنظمات المتطرفة العنيفة.
مؤشرات عدة، عبر تلك الزيارة، تؤكد أن المملكة انتصرت في المعركة الناعمة التي خاضتها واشنطن في سوق الطاقة، فقد فشلت عمليات المساومة على الأمن السعودي؛ خاصة أن المملكة لوّحت قبل ذلك بأن الحصول على أنظمة دفاع جوي من أي بلد أمر ليس مستبعدًا في إطار حقها الأصيل في تنويع مصادر التسليح.
زيارة مرتقبة
وأمام ذلك، ركز موقع "أرجوس ميديا" العالمي، على أن زيارة الأمير خالد بن سلمان، كانت "منتظرة" في واشنطن، وتضمنت زيارة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى واشنطن، الأسبوع الماضي، مناقشة لأسواق النفط العالمية وملفًّا بارزًا للاجتماعات؛ في إشارة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها إدارة الرئيس جو بايدن لإصلاح العلاقات الأمريكية السعودية.
وتَحَدث مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، بوضوح للصحفيين، عقب اجتماعه مع الأمير خالد، قائلًا: "لقد تحدثنا بالفعل عن الاقتصاد، وتحدثنا بالفعل عن الطاقة". ويعني ذلك مدى ارتباط الأمن القومي الأمريكي -بما لا يدع للشك- بالسياسات النفطية السعودية.
وأوضحت تحليلات اقتصادية، أن واشنطن كانت تضغط على السعودية دون جدوى لتسريع وتيرة زيادات إنتاج النفط داخل تحالف "أوبك بلس"؛ إثر العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا؛ لكنها قوبلت بموقف صلب من المملكة التعديلات، وقالت المملكة كلمتها بصوت عالٍ: المنظمة تبعد السياسة عن سياسة الإنتاج.
واشنطن تعيد حساباتها
من هنا طالب باتريك شميدت، الضابط البحري السابق في الجيش الأمريكي، والباحث بمعهد واشنطن، إدارةَ بايدن بإعادة تقييم علاقتها بالمملكة قبل فوات الأوان، وتجنب التحركات التي تضر بعلاقات واشنطن مع حكومات الخليج؛ وعلى رأسها المملكة.
ولم يكتفِ الباحث بمعهد واشنطن بهذا فحسب؛ بل شدد على ضرورة العمل بشكل متوازن في مسألة تعزيز الدفاعات الجوية لدول الخليج؛ لافتًا إلى أن واشنطن مارست ما أسماه "ضغوطا كبيرة" على المملكة من أجل زيادة إنتاج النفط دون جدوى.
الروس تحت الطلب
في المقابل، رأى باتريك شميدت أن موسكو تحاول منذ سنوات بيع منظومة S-400 الدفاعية الجوية إلى المملكة؛ لافتًا إلى أن المسؤولين الروس يجرون المزيد من المناقشات لتسويقها للسعودية.
ويلعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه دور مندوب المبيعات بشكل علني لتسويق الصفقة -وفقًا للباحث الأمريكي- منبهًا إلى أن المملكة العربية السعودية تحتاج فقط إلى اتخاذ القرار وستكون الصفقة تحت الطلب.
صفقة دفاعية أثارت مخاوف البيت الأبيض من تقارب متصاعد بين السعودية وروسيا؛ إذ ترى إدارة جو بايدن أن التزام المملكة بتعهدها مع موسكو عبر اتفاق أوبك بلس؛ خسارة أمريكية فادحة؛ إذ لم تستطع واشنطن فرض إرادتها والتلاعب بسوق النفط.
وما بين هذا وذاك، يظل أبلغ ردود الأفعال على زيارة نائب وزير الدفاع السعودي إلى الولايات المتحدة، ما قاله الدبلوماسي الأمريكي لبيرتو ميغيل فيرنانديز، وتحدثت عنه شبكة سي إن إن، حين قال: "السعودية دولة عقلانية، ولا تقبل مزايدات، ولا تندفع. وهكذا السياسة التي هي لغة المصالح".