عندما كان وزير الخارجية عادل الجبير سفيراً للملك في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي كان هدية من زعيم الدبلوماسية الدولية الأمير سعود الفيصل رحمه الله، ومن مدرسة أمير السفراء بندر بن سلطان حفظه الله؛ تعاطى الوزير الجبير بامتياز مع الأزمات الدولية في أعتى دولة في العالم تهم المملكة بخصوصية تامة؛ ليغير مسارها الدبلوماسي تجاه مصالح المملكة ورأب الصدع الذي أريد له أن يتحقق من سياسيين ناقمين على قوة العلاقات مع أمريكا الذي حافظ كيانها على عمق العلاقات منذ الملك المؤسس طيب الله ثراه والرئيس روزفلت. مثله مثل بعض السفراء الذين نجحوا في مهمات دولية تطلبت عراكه السياسي.
ومع كثرة سفراء الملك -حفظه الله- في بلدان العالم التي تجاوزت أكثر من 140 دولة، والتي ربما يثار في بعضها القلاقل والإشكاليات السياسية، على اعتبار أن اختيار السفير في مثل هذه الظروف يخضع لمواصفات يتوجب على السفير الأخذ بها والسطوع السياسي للتعاطي مع الأزمات.
فالسفير السعودي لا بد أن يتجاوز المحن والمواقف التي تهم مملكته الغالية وشعب المملكة المتواجد في تلك الدول؛ على اعتبار أن شعب المملكة يتواجد في كثير من الدول السيادية وغيرها.
وإذا ما تمكّن السفير من تطوير العلاقات مع أصحاب القرار في تلك الدولة بدءاً من أعلى سلطة إلى كل المسؤولين الذين تحتاجهم الدولة في أي تعاون؛ فعليه أن يركز على ديمومة العلاقات وتنميتها، كما أن السفير لا بد أن يكون ذا حكمة وسؤدد رأي، يستطيع أن يعالج الأزمة مهما كانت حدتها، ولا بد أن يكون السفير ملماً وممارساً للبروتوكول الدبلوماسي، والسياسة الممغنطة حيالها، ولديه فراسة وأسلوب جاذب في لغة المحادثات السياسية المبنية على ثقافة وخبرة في جذب الطرف الآخر.
كما يتحتم على السفير -من وجهة نظري- أن يثقف نفسه يومياً بأمور البلد الذي يتواجد فيه، ويعرف محيطها ومعالمها الاستراتيجية، ويتنبه لأيامها المهمة التي يصنع لها المناسبات، كما أن "ممثل الملك" لا بد أن يدرك التعامل مع الإعلام بوسائله، ويكون حاضراً في أي وقت، ويتعامل مع الموقف أينما كان وفي أي لحظة؛ ليكون حاضراً ذهنياً وسياسياً؛ فالسفير عليه أن يكون متواضعاً وسلس التعامل مع كل الأطراف سواء السعوديين أو أهل البلد، ويتواجد في المحافل الرسمية والشعبوية للبلد الذي يعيش فيه سفيراً، إذا لم تكن متعارضة مع سياسة الوطن؛ ليوصل رسالة مهمة عن سماحة الإسلام أولاً ومن ثم عن كارزما الشعب السعودي في تواضعهم، ورفع شعارات المملكة الاجتماعية من خلال أدلجة الإعلام الخاص بالدولة بطريقة احترافية ترفع من محبة السفير ومستوى الرضى عنه في تلك الدولة.
يجب على "ممثل الملك" أن يكون حاذقاً وذا فراسة عالية وخاصة في دول السيادة، ويطور من شخصيته لترتفع قيمة الوطن ومكانته عند شعوب العالم.
السفير يجب عليه أن يشارك في الأزمات الإنسانية بحضوره الشحصي ما أمكن، ويتصرف عند ولوج المواقف، وأن يكون كريماً مع نظرائه من السفراء وأهل البلد ومسؤوليه بين الفينة والأخرى كلما شعر بفتور العلاقات، ليقطع الطريق على من يحاول المساس أو الفرقة.
السفير السعودي لا بد أن يربط علاقة مع الإعلام المؤثر في الدولة التي يمثل وطننا باحترافية عالية، ويجب ألا يغيب عن البرامج أو المشاركات الوطنية الخاصة بالدولة التي يعمل بها.
السفير يحتاج شهرياً إلى دراسة وتقييم العمل الميداني له شخصياً ولمن هم تحت مظلته لكي يزيد من الفاعلية والتفاعل ويكتشف مكامن الخلل أو النجاح.
السفارة ليست مجرد مبنى سعودي لإنجاز المعاملات والأوراق السعودية وغيرها؛ بل هي أبعد من هذا بكثير.
هناك سفراء دول لدينا بالمملكة نجدهم حاضرين في كل الفرص، ولا نقلل من شأن سفرائنا؛ ولكن هي رؤية دبلوماسية تحتاجها الخارجية السعودية في هذا الوقت المتلاطم من الأزمات، وخيانة بعض دول الجوار وبعض مَن وثقنا بهم وبدولهم.
المملكة العربية السعودية ليست مجرد دولة اعتيادية؛ بل إنها ركيزة العالم العربي والإسلامي، مؤثرة على كيان دول العشرين الكبرى، علاوة على أنها قلب الإسلام النابض بالحرمين الشريفين.
في عهد الملك سلمان تغيرات سياسية وقوة استراتيجية، جعلت العالم ينظر إلى المملكة وإلى الملك سلمان نظرة احترام فاقت زعماء العالم.
حفظ الله الوطن ملكاً وولي عهد وسفراء ناجحين في قمم السمو..