أوضح رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان أنَّ جدة التاريخية تحتاج وقفة قوية لإعادة بنائها، نظراً لما تشكله من قوة اقتصادية كبيرة، حيث استطاعت أن تعيد الحياة وتكوّن نقطة جذب للمواطنين قي جميع مهرجاناتها السابقة.
وأشار لدى زيارته مساء أمس الاثنين فعاليات مهرجان جدة التاريخية "أتاريك" في نسخته الرابعة، إلى ما تشهده جدة التاريخية من عودة للحياة وإقبال من الملاك والمواطنين كان نتاج جهود بدأت قبل أكثر من 28 سنة لتتحول من أماكن آيلة للسقوط إلى منطقة قابله للازدهار، وهذا ما نقوله عن مئات المواقع التراثية في المملكة.
ونوه بما تحظى به جدة التاريخية من اهتمام كبير من مقام خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله الذّي يولي التراث الوطني اهتماماً ومتابعة وحرصاً، مشيراً إلى الجهود الكبيرة المبذولة من أمير منطقة مكة المكرمة، ومحافظ جدة للعناية بهذا الموقع المهم، والتي هي امتداد لرحلة طويلة من الاهتمام بجدة التاريخية من أصحاب السمو الملكي أمراء المنطقة، وتوالت هذه الجهود من المسؤولين ومن محبي جدة التاريخية والملاك لتنتظم مع الجهود التي استمرت فيها الهيئة دون فتور ولا تراجع على مدى العقدين الماضيين لوضع جدة التاريخية في مكانها الصحيح.
وأشاد بالنقلة الكبيرة في مسارات النهوض بالمنطقة التاريخية والتي يقودها محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد وتتكامل معه الجهود الاستثنائية من أمانة محافظة جدة وإسهامات المؤسسات الحكومية الأخرى التي باتت تنتظم مع ما أسسته الهيئة -وتستمر فيه- من اهتمام ومحافظة على جدة التاريخية بوصفها موقعاً غنياً بالآثار والتاريخ، ونموذجاً مميزاً للتراث العمراني.
وذكر أن الحضور الكثيف في جدة التاريخية والمواقع الأثرية الأخرى دليل لافت إلى أن المواطن يتوق إلى تراث وطنه ويتطلع لمعرفته والإلمام به وزيارته لأنه يرى في هذا التراث أهمية بالغة وقيمة مهمة.
وأبدى الأمير سلطان بن سلمان خلال جولته إعجابه بما شهده المهرجان من تطور في الفعاليات وعرض التاريخ بالترفيه عبر جلب أحدث التقنيات، حيث شاهد سموه عرض القبة التاريخية التي تعرض قصة جدة قبل 2600 عام، مثنياً على التنظيم والإعداد الجيد، وتنوع وتميز في الفعاليات المشاركة وارتباطها التاريخي بالماضي الجميل، إضافة إلى حرص اللجنة العليا المنظمة على انتقاء الفعاليات ذات العلاقة بالتراث والقيمة الأثرية.
والتقى بأصحاب الفعاليات، وتبادل الحوار والصور التذكارية معهم ولم يكتف بذلك بل التقط بهاتفه الشخصي عدداً من الصور للوحات المعروضة والفعاليات المقامة، كما استمع إلى شرح من البائعين، مشيداً بالحضور الكثيف من قبل الزوار، وبما تحويه الفعاليات من مواقع وأحداث مختلفة.
وأولى الأمير سلطان بن سلمان جدة التاريخية عناية شخصية منذ مدة تقارب الثمانية والعشرين عاماً، وذلك ضمن اهتمامه بالتراث العمراني الوطني قبل إنشاء الهيئة، وكان من أكثر المنافحين عن هذه المنطقة والمنادين بأهمية نهوض الأهالي والمؤسسات المحلية في محافظة جدة بدورهم، وعمل من خلال رئاسته للهيئة وعضويته في اللجنة العليا للمشروع في حشد الاهتمام بجدة التاريخية ومتابعة جهود تطويرها، وقام بزيارتها عدة مرات، كما اجتمع مرات بالملاك للتباحث حول تطوير الموقع.
واطلع على المحال والأركان المنتشرة على مسارات المهرجان التي تعرض بعض الحرف اليدوية، والأكلات الشعبية، وبعض الملبوسات الحجازية القديمة.
وكانت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد عملت بالتعاون مع إمارة منطقة مكة المكرمة ومحافظة جدة وأمانة محافظة جدة على تصنيف المباني التاريخية فيها، ورصف شوارعها، وإنارتها، وتأسيس إدارة لحمايتها وصيانة المباني التراثية فيها، وتحديث نظام البناء بما يكفل المحافظة على نسيجها العمراني التاريخي، حيث وضعت الهيئة مشروع تطوير جدة التاريخية على رأس قائمة مشاريعها في برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الذي تنفذه الهيئة.
كما أنشأت مركز التدريب والإنتاج الحرفي بجدة التابع للبرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية "بارع" والمقام حالياً في "بيت باناجة" بجدة التاريخية إضافة إلى عملها على مشروع ترميم وتأهيل مسجد المعمار في قلب جدة التاريخية ضمن "برنامج العناية بالمساجد التاريخية" الذي تتعاون فيه الهيئة مع وزارة الشؤون الإسلامية، ومؤسسة التراث الخيرية، كما أعلن الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في وقت سابق عن تبرع خادم الحرمين الشريفين بنفقات ترميم مسجد الحنفي التاريخي في جدة التاريخية الذي صلى فيه الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه-، وفي إطار هذا البرنامج افتتح في شعبان 1436هـ الجامع العتيق "مسجد الشافعي" بجدة التاريخية بعد الانتهاء من مشروع ترميمه، والذي تكفل بنفقاته الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله-، وأعلن الأمير سلطان بن سلمان في حفل افتتاح المشروع عن إنشاء صندوق لترميم المساجد التاريخية في مدينة جدة، وتكفله بترميم مسجد الخليفة الراشد عثمان بن عفان صدقة عن والدته الأميرة سلطانة السديري - رحمها الله-.
وسخرت الهيئة العامة للترفيه كافة إمكاناتها ودعمها لإنجاح فعاليات مهرجان "أتاريك" لهذا العام، من خلال استحداث فعاليات تحمل لطابع الترفيه.
يذكر أن مهرجان جدة التاريخية "أتاريك"، الذي تدعمه الهيئة العامة للترفيه وتشرف عليه محافظة جدة، يفتح أبوابه يومياً للزائرين من الساعة الخامسة عصراً وحتى الـ11 مساء، ابتداء من 30 مارس الحالي ولمدة 10 أيام، وبحسب منظمي المهرجان، فإن فعاليات هذا العام ستشهد عروضاً عالمية، مع الاهتمام بالخدمات التي ستقدم بطريقة مميزة وفريدة من نوعها، فيما تم اعتماد 65 فعالية.