أتابع دومًا وبشغف، وربما غيري كُثُر، وخلال موسم الصيف تحديدًا، قناة دولة عُمان الشقيقة؛ وذلك لأنها تعرض يوميًّا برنامجًا من "صلالة"، عاصمة السياحة هناك. ورغم أني لم يسبق أن زرت صلالة إلا أني أجزم أن التلفزيون العماني، ومن خلال برنامجه ذلك، قد سوَّق للسياحة هناك بشكل كبير جدًّا، خاصة على مستوى دول الخليج، وذلك من خلال التقارير الجميلة التي تتنقل يوميًّا بين المواقع السياحية والمناظر الخلابة هناك؛ وتبعث بالتالي البهجة والتشويق للمشاهدين، بل يظهر من خلال البث أن التلفزيون الرسمي العماني وفَّر كل المقومات والإمكانيات لإنجاح التغطية الإعلامية للموسم السياحي، من خلال تخصيص استوديو ثابت ودائم لبث البرنامج سابق الذكر مباشرة من قلب غابات صلالة الساحرة.
على الجانب الآخر، كان التلفزيون السعودي خلال فترات قديمة سابقة يتميَّز ببرامجه التي تستعرض الوجهات والمصائف السياحية التي تتمتع بالأجواء العليلة خلال فترة الصيف، وهي الطائف والباحة وأبها.. ومن تلك البرامج التي ما زالت عالقة بالذاكرة، وساهمت مساهمة قوية في التسويق والترويج للسياحة الداخلية في ذلك الوقت، برنامج "الصيف والناس". وبدلاً من زيادة مثل هذه البرامج والتغطيات وتكثيفها، من خلال الدورات البرامجية التلفزيونية الصيفية، وتماشيًا مع الرؤية السعودية الاقتصادية القادمة 2030م، إذا بنا نُفاجَأ بتقليصها وتهميشها من الخارطة البرامجية بشكل يدعو للدهشة والغرابة!
وللتدليل على ذلك الضَّعْف والقصور.. بث تلفزيوننا العزيز عبر قناته الأولى خلال الشهر الماضي برنامجًا سياحيًّا من أبها إلا أنه - ومع الأسف الشديد - لم يستمر إلا أسبوعين فقط! وبدلاً من عرض تقارير نهارية، وهي ما يميِّز السياحة في عسير، والأقرب للسياحة الريفية، والتجول بالمشاهدين عبر الكاميرا التلفزيونية بين المنتزهات الشهيرة هناك، مثل السودة والحبلة والمسقي ودلغان والسحاب وغيرها.. إذا بالمتابع يُفاجَأ بتقارير ليلية فقط دون المستوى، وتُبَثُّ من حدائق ومعارضومجمعات!
حقيقة، هذا الشح الكبير في البرامج والتغطيات مستغربٌ جدًّا من تلفزيوننا العزيز، خاصة مع الثراء الكبير لمناطقنا السياحية ومنتزهاتها الخلابة.. ولكم أن تتخيلوا كم سيكون جميلاً لو خُصِّص "استوديو" خاص من أحد المنتزهات في أبها، مثل منتزه الجرة الأقرب للغابة الغنَّاء، الذي لا أعلم حقيقة لماذا يُطلق عليه منتزه وهو بوضعه الحالي أقرب لأن يكون محمية؛ كونه مغلقًا طوال العام.. أو من منتزه السودة الشهير، الذي تهطل عليه الأمطار، ويعانقه الضباب والهتان بشكل شبه يومي.. وكم سيسهم ذلك في اجتذاب السائح المحلي أولاً، والسائح الخليجي ثانيًا، الذي بات لا يرى إلا نادرًا، بعكس سنوات سابقة، كانت فيها السيارات العائلية الخليجية، خاصة الكويتية، تنتشر بكثافة في جميع المصائف السعودية.