
تعتبر وجبة الحنيذ وجبة رئيسة لا تخلو منها سفرة إفطار رمضانية لما لها من نكهة متميزة وطعم لذيذ أخاذ، وما أن يذكر الحنيذ في المنطقة الجنوبية إلا ويذكر حنيذ شقوي في سراة عسير وحنيذ الريشي في تهامتها.
يقول جابر الريشي الاسم اللامع في عالم الحنيذ في منطقة عسير عن طريقة إعداد وجبة الحنيذ ما أن "أحضر الذبيحة وجلبها إلى مسلخ البلدية الرئيس لذبحها بإشراف طبي لضمان سلامتها وخلوها من الأمراض ليتم ذبحها وتقطيعها بطريقة تختلف عن الذبح لبقية مرتادي المسلخ حتى أقوم بنقلها إلى موقع المحانذ المجاور للمسلخ وهو عبارة عن براميل من الفخار محفورة في الأرض تم إشعال الحطب فيها لفترة زمنية محددة، ويستدل على جاهزية المحنذ من خلال شكله لأقوم بعدها بعملية إنزال اللحم بعد تقطيعه إلى أجزاء مجزأة وإدخاله المحنذ بطريقة خاصة بعد توزيعه وجعله على شكل طبقات كل طبقة تحول بينها وبين الأخرى بعض الأشجار المعروفة التي تقوم بحماية ومنع اللحم من عملية الاحتراق، ومن أبرز تلك الأشجار المستخدمة شجر المرخ والسلع والشقب التي تكسب اللحم نكهة متميزة وطعماً لذيذاً، ومن ثم القيام بتغطية المحنذ ببعض الخيش والقماش الذي يتم بله بالماء ومن ثم دفن المحنذ بالتراب بما يضمن عدم وجود أية تهوية له.
وقال الريشي إنه يلزم إبقاء اللحم داخل المحنذ مدة تتفاوت بين الساعة إلى الساعتين حسب حجم الذبيحة وصغرها أو كبرها وهو من يقدر الفترة الزمنية التي تحتاجها الذبيحة، ويعود ذلك إلى الخبرة والممارسة التي امتدت لسنين طوال في ممارسة المهنة. وقال إن عدم إبقائه داخل المحنذ أو إخراجه قبل الوقت المحدد له يؤثر على اللحم ونضجه أو احتراقه، بعد ذلك يتم إخراج اللحم وذر الملح عليه بطريقة فنية ومقننة أيضاً.
وقال الريشي: كما أن للحنيذ طريقته الخاصة في الذبح والتقطيع والإعداد، فله طريقته الخاصة في البيع التي تختلف عن المندي، إذ تقسم الذبيحة إلى أرباع بعد أن يتم استخراج الرقبة والرأس والظهر التي يباع كل منها على حدة. وعن الأسعار قال: لكل جزء من الذبيحة سعره الخاص.
وقال إن السلع والمرخ والشقب هو أصل النكهة وتميز المعروض وما أن تذكر المنطقة الجنوبية إلا ويذكر الحنيذ، فهو من أهم الأكلات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة ويقبل عليها سكان المنطقة في كل الأوقات بما فيها شهر رمضان الذي يعد فيه الحنيذ وجبة أساسية للإفطار، يتم تناوله مع الخمير وبعض البقوليات.
وقال إنه يتم شحنه من قبل بعض الزوار إلى مدن أخرى كجدة والطائف ومكة المكرمة وغيرها بعد جعله في حاويات مخصصة وطريقة تغليف خاصة تضمن سلامته وعدم تغير نكهته. وقال إن الإقبال عليه تجاوز أبناء المنطقة والمقيمين فيها إلى السياح والزوار لمنطقة عسير من دول الخليج الذين يحرصون على تناول الوجبة ويعدونها من أساسيات الأطمعة التي يتناولونها خلال زيارتهم للمنطقة.