يتوافد ضيوف الرحمن ملبين النداء وأصواتهم تتعالى مكبّرين ومهلّلين؛ لأداء فريضة الحج من كل حدب وصوب، أعدادهم كبيرة، ودولهم مختلفة، ولغاتهم شتى، ونفوسهم مهرولة، وهدفهم واحد؛ الوقوف بين يدي الله، وتوثيق عرى أمة جمعتها كلمة التوحيد.
فعند التجول في أروقة المسجد الحرام وساحاته الخارجية لفتت أنظار "سبق" ملامح الحجيج التي يملؤها الفرح والبهجة بوصولهم إلى مكة، والصلاة بالمسجد الحرام، رافعين أكفّهم راجين الله سبحانه تحقيق أمانيهم، ولمّ شمل شعوبهم التي تمرّ بأحداث مأساوية يفطر القلب منها.
وتحدث لـ"سبق" الحاج محمد عبدالجليل من الجنسية السورية قائلاً: "رحلة وصولنا إلى المشاعر المقدسة كانت مليئة بالمتاعب والمشقة الكبيرة؛ بسبب الأحداث القائمة بسوريا، ولكن الدعوات بالتيسير والتوفيق من رب العالمين كانت حليفنا، ووصلنا بسلام"، لافتاً إلى أنه عند مشاهدة الحجاج بتلك الأعداد الكبيرة بمكان واحد وبمختلف دول ولغات شتى قاصدين الله -عز وجل- وحده، تبددت المشقة، في أمر يدل على عظمة الخالق، دون خلافات السياسة أو الطوائف المختلفة.
وأخذ حاج من الجنسية الغانية يدعو بصوت عالٍ، مما لفت الأنظار إليه، اقتربنا منه وتحدثنا معه بالغة الإنجليزية، واستمرّ بالدعاء بتوحّد صف الأمة الإسلامية، وأن تبتعد بعض قيادات البلدان الإسلامية مثل إيران عن الإساءة إلى الإسلام، بتصرفات قبيحة وعبثية تفرّق بين البلدان الإسلامية.
وقال الحاج "محمد" من الجنسية الأمريكية، إن ما يدور في البلدان العربية الإسلامية لا يرضينا تماماً كجالية مسلمة بأمريكا، لافتاً إلى أن موسم الحج هو فرصة ذهبية لتقارب الآراء والسياسات بين القيادات المسلمة لمختلف البلدان، طالباً منهم أن يتفكروا بموسم الحج وفضله وعظمة الرحمن التي تدعو إلى التسامح.
وكان قد بدأت طلائع الحجاج، أمس الجمعة، في التوافد إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم، واتسمت الحركة بانسيابية كبيرة؛ حيث رصدت عدسة "سبق" قيام الحجاج بأداء طوافهم قبيل توافدهم إلى مشعر منى؛ لقضاء يوم التروية؛ حيث يبدأون أول مناسك الحج اليوم وسط استنفار أمني وطبي لتأمين مواكب الحجيج.
وحَظِيَ دخول الحجاج بتنظيم كبير من قبل رجال الأمن؛ مما سهل حركة جموع الحجيج، وشهدت الكعبة المشرفة تواجد عدد من رجال الحسبة الذين يتولون تعليم ومساعدة الحجيج لأداء مناسكهم بشكل صحيح.