انطلاقاً من المكانة الريادية، التي تحتلها المملكة عالمياً في مكافحة الفساد في السنوات الأخيرة، وأثناء رئاستها لقمة مجموعة العشرين، طرحت فكرة تأسيس شبكة عالمية لمكافحة الفساد، عُرفت باسم "شبكة مبادرة الرياض العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد" "GlobE Network"، وقدمت 10 ملايين دولار لإنشاء الشبكة.
وفي 3 يونيو 2021 دشن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في مقر الأمم المتحدة في فيينا، مبادرة الرياض، وثمن دور السعودية في تأسيس شبكة عالمية لمكافحة الفساد، لافتاً إلى أن "الشبكة ستوفر أموالاً مهمة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، وستعمل أيضاً على مكافحة الإرهاب عبر الحدود، ونجاحها يعتمد على الحوار بين الشركاء الدوليين".
وفي 17 ديسمبر 2021، اعتمدت الأمم المتحدة شبكة مبادرة الرياض، خلال الدورة الـ9 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي عقدت في مصر.
ودعت الأمم المتحدة في نص القرار الدول الأطراف في الاتفاقية إلى الانضمام للشبكة، والمشاركة فيها بفعالية، وتبادل المعلومات ذات الصلة بالتحريات والإجراءات الجنائية، ودعم أهداف وغايات الشبكة من خلال تقديم الموارد المالية، وعُينت إسبانيا رئيساً للجمعية العامة ورئيساً للجنة التوجيهية للشبكة، والسعودية نائباً لرئيس الجمعية العامة ونائباً لرئيس اللجنة التوجيهية للشبكة، وعقب اعتماد للشبكة انضم إليها أكثر من 55 دولة، و92 جهاز مكافحة فساد حول العالم.
واحتضنت الرياض أمس واليوم (الأربعاء)، أعمال اجتماع اللجنة التوجيهية الأول للشبكة، الذي يعقده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، لتبدأ الشبكة في تحقيق أهدافها وهي: تطوير أداة سريعة وفعالة لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود، وتعزيز التعاون بين السلطات المعنية بمكافحة الفساد، وإنشاء منصة عالمية آمنة لتسهيل تبادل المعلومات بين سلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، وتعزيز استرداد الأموال المنهوبة، وإطلاق برنامج لبناء القدرات داخل الشبكة لمنسوبي سلطات مكافحة الفساد.
ولا شك أن شبكة مبادرة الرياض ستحقق مكاسب تنموية هائلة لدول العالم، وخصوصاً الدول المنضمة للشبكة، وتقدير حجم هذه المكاسب يُستخلص مما أعلنته الأمم المتحدة، حول أن حجم الفساد عالمياً يقارب 3.5 تريليون دولار سنوياً، بما يعادل 7 في المائة من الناتج العالمي.
ويُهدر الفساد تريليون دولار سنوياً من هذا المبلغ في الرشاوى فقط، وهو ما يؤكد ما تعلنه المملكة على الدوام من أن الفساد العدو الأول للتنمية والازدهار، لكن مكافحته تحتاج إلى تعاون دولي كبير، وشبكة مبادرة الرياض توفر الإطار، الذي من خلاله يتحقق التعاون في مكافحة الفساد، وتضييق الخناق عليه، وتقليص خسائره إلى أدنى مستوى.