
يحرص عدد من منشدي الشيلات على تحقيق الانتشار وكسب أكبر قدر من الشعبية الجماهيرية من خلال التميز بإنتاج إصدارات متنوعة تراعي رغبة المستمع , حيث نزل عدد منهم عند رغبة محبيه أو قبيلته وأنتج " شيلة قبلية " تتغنى بالقبيلة وتسرد مآثرها ومحامدها , ولا تكتفي بذلك ولكنها تلغي القبائل الأخرى وتهجو كل من ينتقص منها أو يتخذ موقفاً معادياً لها.
واعتبر عدد من النقاد هذا السلوك نوعاً من "العصبية القبلية", فيما يصرّ قطاع من الشعراء والمنشدين على أن ذلك الأسلوب يأتي من قبيل الفخر والاعتزاز بالقبيلة وليس له علاقة بالعنصرية.
تربويون: الشيلات أنتجت جيلاً عدوانياً متعصباً
وحول هذا الموضوع، ذكر عدد من التربويين أن الشيلات بشكل عام وشيلات القبائل بشكل خاص ساهمت في إنتاج جيل عدواني متهور ومتعصب لقبيلته بشكل كبير ، حيث انتشرت بين الشباب بعض الألفاظ والرموز التي تعزز العصبية القبلية وأضحى لكل قبيلة جملة ترويجية لا تخلو من المباهاة وإقصاء الآخر.
وقالوا: راجت بعض الشيلات الخاصة بكل قبيلة، مما يؤدي إلى تربية الشباب والمراهقين على العدوانية والعنف والعصبية الجاهلية.
وطالب التربويون، الشعراء والمنشدين بإنتاج شيلات تحثّ على العفو واللين والوطنية والصدق ومكارم الأخلاق.
منشدون وشعراء: الشيلات عززت الوطنية
وقد دافع شعراء ومنشدون عن أنفسهم وأكدوا أن الشيلات ساهمت في تعزيز الوطنية وتشجيع جنودنا البواسل المرابطين على ثغور الوطن وبثت الحماس فيهم.
وقالوا: الشيلات ساهمت في حل بعض القضايا المتعلقة بالعفو من الدم والعتق وعززت العلاقة بين قبائل المملكة وامتدحت جهودهم.
وأضافوا: ما تشهده ساحة الشيلات من تجاوزات لا تصدر إلا عن فئة قليلة لا تمثلنا ولا تنتمي الينا.
تأثيرات عاطفية غير موجهة
من جانبه، قال الأخصائي النفسي جلال عبد الناصر لـ"سبق": هناك تأثير للشيلات على الشباب والمراهقين عاطفياً مما يستلزم توجيه الشيلات لتعزيز الوطنية وبناء السلوك الإيجابي.
وأضاف: يشير مصطلح الشيلة إلى رفع الصوت في الغناء مع مرافقة آلات الطرب التي ينتج عنها بطبيعة الحال تغييرات كيميائية ، كأن تحفز المخ على إفراز الاندروفين فتؤثر على مستوى التفكير والعاطفة وبالتالي تحدث النشوة وهنا يكون الإنسان أكثر قدرة على تثبيت الأفكار على مستوى الشعور أو اللاشعور.
وأردف: غالباً ما يصاحب تلك الشيلات نوع معين من الألفاظ الشعبية غير المحببة التي تؤثر سلبياً بطبيعة الحال على مستوى شخصية الطفل أو المراهق على حسب الشيلة التي يسمعها، فهناك شيلات تدعو للتفحيط أو السهر مع الأصدقاء أو لتناول نوع معين من السجائر.
وتابع: يجب على أولياء الأمور متابعة الأبناء وتعويضهم بشيلات تدعو للوطنية أو تبني السلوك الحسن.
قتل الموروث
في سياق متصل، قال شاعر العرضة لاحق الغامدي لـ" سبق": الشيلات بشكل عام ساهمت في قتل الموروث الحقيقي لبعض القبائل , ففي الجنوب على سبيل المثال نجد أن الناس اتجهت للشيلات وبدأت تتجاهل موروثها الحقيقي المتمثل في العرضة والقصائد الارتجالية المعروفة.
وأضاف: ينبغي محاسبة أي شاعر أو منشد يثير النعرات القبلية بين أبناء الممكلة من خلال الشيلات المثيرة للعنصرية , فنحن أبناء بلد واحد وهو المملكة العربية السعودية ولا فرق بين قبيلة وأخرى لأن جميع القبائل لها مكانتها واحترامها دون إلغاء أو انتقاص لبقية القبائل.
فوضى إنتاج الشيلات
من جهته، قال مهندس الصوت هادي الصالح لـ"سبق": إنتاج الشيلات شهد تطوراً كبيراً خلال السنتين الأخيرتين حيث دخلت شركات إنتاج فنية عملاقة في المنافسة على إنتاج وتوزيع الشيلات فشاهدنا روتانا تنتج ألبومات لبعض المنشدين ذات جودة عالية.
وأرجع سبب انتشار الشيلات إلى سهولة إنتاجها , فبعض الشيلات المنتشرة يتم إنتاجها في المنازل باستخدام أدوات بدائية وغير احترافية.
وحول حجم الإقبال على تسجيل وإنتاج الشيلات؛ أكد "الصالح" أن الاستوديوهات مليئة بطلبات الشيلات لاسيما مع موسم الإجازة وكثرة الأفراح إذ تعمد بعض الأسر إلى تسجيل شيلة خاصة باسم عائلة أو قبيلة العريس وتذاع على اليوتيوب مما يساهم في انتشارها وتداولها.
وطالب وزارة الإعلام بضبط سوق الشيلات وإنتاجها والحد من الفوضى الحاصلة حالياً.
بدوره، قال الشيخ الدكتور سعد الشثري: يجب النظر في مضمون الشيلة حيث يجب أن تخلو من أي حديث يغضب رب العزة والجلال , فبعض الشيلات يكون فيها سباب وافتخار وبغيّ ونحو ذلك وهذه أمور لايجوز للإنسان أن يتكلم بها أو يسمعها لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال "إن الله عز وجل أوحى إلي ألَا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد"، كما قال عز وجل: "يا أيها الذين آمنو لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم" ونهى أيضاً عن التنابز بالألقاب.
وأضاف: يجب أن تخلو الشيلات من المخالفات الشرعية مثل الألفاظ المحرمة أو القسم بغير الله ونحوه، كما أن الاستماع للشيلات لا يجوز إذا كانت تحتوي على معازف سواء كانت طبيعية أو بأصوات بشرية معزوفة أو صناعية.