يعيب بعض الناس على من يسافرون للسياحة الخارجية أنهم لا يشجعون السياحة الداخلية. ويزداد ذلك على من يكونون عادة من ضمن فريق التنشيط السياحي في بعض مدن بلادنا، الذين يشرفون على فريق التنشيط السياحي، ويحضرون بعض فعاليات الافتتاح.. وما يلبثون أن يكونوا أول المغادرين إلى خارج البلاد؛ حتى يقضوا الصيف في ربوع أوروبا، وما أدراك ما أوروبا..!
أنا لا أتحدث عن هؤلاء، الذين عُرف عنهم ذلك التوجُّه في قضاء سياحتهم خارج البلاد منذ زمن. وقد لا يُعرف عن بعض مسؤولي تلك المناطق أنه قضى ولو جزءًا يسيرًا من إجازته داخل البلاد؛ حتى يكونوا - على الأقل - قدوة قولاً وفعلاً في تشجيع الناس للسياحة الداخلية على أرض الواقع، لا على شاشات التلفاز فقط!! وإنما أتحدث عن كثير ممن يصنفون من ذوي الدخل المحدود، حتى بعد أن تعرضت كثيرٌ من البلدان العربية إلى حروب واضطرابات أمنية، تغيرت معها بوصلة السياحة إلى دول أوروبية كباريس، النمسا وسويسرا.. التي كانت حكرًا على الأثرياء فقط! والتي كان من المتوقع أن تستبدل بالسياحة بين أهلنا، ولكنها - مع الأسف - صارت أغلى..!!
وختامًا.. ما يجعل كثيرًا من المواطنين يكونون من ضمن المغادرين للسياحة الخارجية، حتى لمن يصنفون من ذوي الدخل المحدود، الذين كانت تعتمد عليهم السياحة الداخلية بشكل أكبر، هو ارتفاع الأسعار الجنوني، الذي لم يعد بالإمكان السكوت عنه بحال! فبداية غلاء أسعار المنتجعات، التي عادة تطل على ورش أو محل بنشر أو على مدارس حكومية، فماذا لو كانت تطل على بحر أو نهر؟! والتي وصلت أسعارها إلى مبالغ مرتفعة جدًّا لليوم الواحد، كثلاثة آلاف وأربعة آلاف ريال، مرورًا بأسعار المطاعم ومحال الأسماك، التي (تتدبل) فيها الأسعار كثيرًا عن أيام السنة العادية، دون حسيب أو رقيب، وانتهاء ببعض المنتزهات، وأيضًا محال الألعاب في المولات، التي تشترط مبلغًا كبيرًا للدخول للشخص الواحد، حتى لو لم يرغب في أن يلعب أولاده بتلك الألعاب.. كل هذا وغيره ساهم بشكل كبير في هجر السياحة الداخلية، واستبدالها بالسياحة الخارجية، التي لا نبالغ حينما نقول إنها أقل تكلفة حينما تكون لمدة أسبوع أو عشرة أيام من بعض مدننا السياحية، التي طغت عليها المبالغة في الأسعار؛ ما نتج منه ذلك العزوف الكبير، في ظل غياب وصمت هيئة السياحة عن ذلك المشهد، الذي يتكرر علينا في كل صيف.. وكل عام وسياحتنا الداخلية مهجورة، وكل عام وصيفنا مع أهلنا أغلى.. وإذا عرف السبب بطل العجب..!!