أكملت دول التحالف العربي لمساندة الشرعية في اليمن عامها الأول، منذ بدء العمليات الجوية ضد المليشيات الانقلابية في اليمن والتي تَشكّل جناحاها من قوات المخلوع صالح وعناصر الحركة الحوثية المدعومة من طهران.
قبل عام من اليوم كانت اليمن تغرق في اجتياح بربري غاشم تُشكله قوة عسكرية وقبلية ومذهبية متطرفة تستخدم كل إمكانات وتسليح الجيش الذي بني من أموال اليمنيين طيلة أكثر من نصف قرن من الزمان.
كانت عدن تُقصف بطيران الجيش العائلي التابع للمخلوع صالح، وكانت محافظات الجنوب تشهد اجتياحاً من قِبَل الجيش الذي اعتقدت ذات يوم أنه مَن يحميها ويذود عنها في وقت الشدائد.
طرق مفتوحة
كانت "الحديدة" تُسَلّم للمليشيات الحوثية بدون أي مقاومة من وحدات الجيش؛ بل إن اللواء العاشر حرس لواء الصاعقة القوي، هو مَن فتح كل الطرق لتصل المليشيات إلى كل مرافق ومؤسسات الدولة في الحديدة، وتسيطر على الشريط الساحلي على البحر الأحمر من المخاء إلى ميدي، وأيضاً كل موانئ اليمن على البحر الأحمر.
سقوط وصمود
وقبل عام أيضاً كانت محافظات النفط الشرقية تسقط في أيدي المليشيات بتسهيل من جيش المخلوع؛ باستثناء محافظة مأرب التي وقفت قبائلها سداً منيعاً في وجه الغزاة الحاملين، مشروع إيران إلى مرابع حضارة سبأ، وكان هذا الصمود بدعم من السعودية قبل أن تتحرك طائرات التحالف لنسف أوتاد هذا المشروع الطائفي الذي تدعمه وتُموّله دولة الملالي الفارسية.
تبجّح بعاصمة رابعة!
قبل عام كان قادة الحرس الثوري يتباهون بسقوط عاصمة عربية رابعة في حظيرة ثورتهم الخمينية، وهذه العاصمة هي صنعاء، وقبلها بيروت وبغداد ودمشق، وكانت المليشيات تتبجح بأحقيتها في فرض سلطة الأمر الواقع دون أي التفات لعدم مشروعية هذه المغامرة الصبيانية غير المحسوبة للخواتيم.
إحباط ودولة مارقة
وخلال كل هذه التطورات كان أبناء اليمن يعيشون حالة إحباط كبيرة وشعور بقلة الحيلة وانعدام الوسيلة لمواجهة هذه الجحافل التي تملك سلاح جيش وإمكانات دولة، وخلفها أيضاً دولة مارقة مثل إيران تحرك كل أذرعها لدعم هذا المشروع في أهم المناطق في المنطقة.
أوهام الملالي
كان مشروع إيران في اليمن يسير كما رُسم له وبدون أية معوقات تُذكر؛ غير أن المليشيات والمخلوع "صالحاً" لم يكن في حسبانهم أن عاصفة ستهب عليهم تقتلع أوتاد مشروعهم من باطن الأرض وترمي هذا المشروع في مزبلة التاريخ.
العاصفة تهب
بدأت عمليات العاصفة في ٢٦ مارس، ليلتها كانت المليشيات وجيش المخلوع قد أكملوا السيطرة على أهم مناطق عدن، وكان الرئيس هادي قد غادر عدن متوجهاً نحو سلطنة عمان ومنها إلى الرياض، وكان اليمنيون يهتفون في كل مناطق اليمن "شكراً سلمان"، وهي العبارة الأكثر انتشاراً في اليمن منذ صباح ليلة عاصفة الحزم، وحتى اليوم في الذكرى الأولى لانطلاق عاصفة الحزم.
اقتلاع وتسوّل
نُسف مشروع إيران، واقتُلع من جذوره، وبعد أن كانت المليشيات تتبجح بتبعيتها لطهران، عادت اليوم تتسول وقفاً للحرب مقابل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ممثلة بمجلس الأمن.
سقوط المشروع
حرب عام واحد كانت كفيلة بتدمير مشروع إيران الذي مكثت تشيّده في اليمن طيلة ثلاثين عاماً، ولأن العزم والحزم سلاح؛ فقد كانت النتيجة انهيار مشروع إيران في جزيرة العرب، وإن بقيت بعض جيوب المليشيات ناشطة في بعض المناطق القبلية؛ إلا أن المشروع الأساسي كان قائماً على السيطرة على كل مفاصل السلطة والجيش وكل مؤسسات اليمن، وتحويلها إلى ذراع لإيران في المنطقة، كما هو الحال في العراق.
ردم فراغ الحركة
الفراغ الذي كان موجوداً مَنَح دولة الملالي حرية الحركة والنشاط في اليمن تم ردمه بقوى مجتمعية وسياسية وأذرع عسكرية وفصائل مقاومة وتكتلات طلابية ومبادرات نشطاء وتحوّل أنصار المشروع الإيراني أو مَن تَبقى منهم إلى أقلية ضعيفة الصوت والفعل، ومنعدمة الفاعلية في كل تحركاتها، وكل هذا بفضل التحرك الحازم والصارم من قِبَل الملك سلمان وقيادته للتحالف العربي الذي جعل اليمن مساحة محرمة على أقدام النفوذ الفارسي.
استسلام العصابة
وقال رئيس مركز "الجزيرة للدراسات" الدكتور نجيب غلاب: إن "الحوثية استسلمت وهذا لم يعد محل شك أبداً، وأن مرحلة الكهنوت السياسي انتهت وبدون رجعة"؛ مضيفاً: "إن الحوثية قدّمت أكثر مما هو مطلوب منها كعصابة امتصت دماء الضحايا، وتريد من يشرعن لها ما نهبت وسرقت، وأن مشكلة الحوثيين اليوم لم تعد مع التحالف العربي بعد أن استسلمت له؛ بل مع اليمنيين؛ مؤكداً، أن المليشيات الحوثية تعيش في عزلة داخلية من جميع الأطراف، والكل لم يعد يطيقها، وتبدو كطفيليات مؤذية ستعمل جهدها لإعادة تسويق نفسها".
مخابرات واستقطاب
مشروع إيران في اليمن لم يكن فقط عبر الذراع العسكرية المتمثلة في المليشيات الحوثية؛ بل كان مشروعاً بأذرع متعددة سياسية وإعلامية وأكاديمية ونشاط كبير في أوساط نخبة المجتمع اليمني بكل شرائحه، وصل حد استهداف المخابرات الإيرانية للطلاب اليميين الدارسين في الخارج لاستقطاب المبرزين منهم إلى صف المشروع الإيراني.
أذرع وبكاء طويل
كان هناك برلمانيون ورجال سياسة وإعلاميون أنشئت لهم مؤسسات إعلامية وصحفية وإلكترونية، وكان هناك، أيضاً، رجال دين تم استقطابهم ووجاهات اجتماعية وكل هذا خارج إطار المكون التنظيمي للحركة الحوثية؛ بل إن الكثير من أذرع إيران في اليمن كانوا يعملون داخل أحزابهم لصالح هذا المشروع الذي تَهَاوى بكل أركانه ولم يتبقَّ منه سوى أطلال ستبكي عليها طهران ردحاً طويلاً من الزمن.