برغبة جادة من القيادتين، تجمع المملكة العربية السعودية وبريطانيا علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وطيدة، وتعززت تلك العلاقات القائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، عبر مر السنوات، إلى أن بلغت أوج نضجها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
وليست العلاقات بين الرياض ولندن وليدة اليوم، وإنما ترجع إلى فترة الحرب العالمية الأولى، حين وقع الملك عبد العزيز اتفاقية دارين عام 1915 مع الحكومة البريطانية. وتواصل العلاقات بين البلدين تطورها وترابطها؛ ففي 20 مايو 1927 وقعت الحكومة البريطانية ومملكة نجد اتفاقية أخرى هي اتفاقية جدة، وكانت المملكة المتحدة من أوائل الدول التي اعترفت بالسعودية عام 1926، وكان لها بعثة دبلوماسية في البلاد، كما افتتحت السعودية سفارتها في لندن عام 1930، لتكون ثاني شكل رسمي للعلاقات الخارجية السعودية.
ويحرص قادة البلدين على ترسيخ العلاقات عبر الزيارات المتبادلة والاتفاقات الثنائية على مدى تاريخ الدولتين، وكانت آخر زيارة، قام بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لدولة بريطانيا عام 2018، التي تمثل حقبة جديدة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية الثنائية على جميع الأصعدة والمجالات. واليوم تعزز زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى المملكة، العلاقات الثنائية بين السعودية وبريطانيا، وشراكتهما الاستراتيجية التي تعود إلى عهد الدولتين السعودية الأولى والثانية.
تصنَّف بريطانيا ضمن أكبر الشركاء التجاريين للمملكة، وتواصل حركة التبادل التجاري بينهما تحقيق أهدافها؛ إذ بلغت صادرات المملكة إلى بريطانيا في عام 2019م حوالي 8.9 مليارات ريال، فيما بلغت قيمة واردات المملكة من بريطانيا 12 مليار ريال.
وتعد المملكة أكبر سوق في المنطقة؛ لذا فإنها تُعد شريكًا رئيسًا لبريطانيا نظرًا لارتباط الدولتين بعلاقات اقتصادية وتجارية وطيدة تخدم المصالح المشتركة وتعزز فرص التنمية الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين؛ حيث أثمرت هذه العلاقات عن تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية عام 2018 خلال لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز برئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي.
تعتبر المملكة الشريك التجاري الثالث للمملكة المتحدة في المنطقة من حيث حجم التبادل التجاري؛ حيث يبلغ متوسط التبادل التجاري 6 مليارات دولار لآخر 5 سنوات، كما تشير الإحصاءات الخاصة بحجم التبادل التجاري إلى زيادة الصادرات السعودية إلى بريطانيا نسبيًا مقارنة بالسنوات الماضية. ويتطلع الجانبان السعودي – البريطاني إلى الانتهاء من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بينهما، والمستهدف توقيعها خلال العام 2022.
كما تشهد العلاقات الاستثمارية والشراكات التجارية بين البلدين تطورًا ملحوظًا؛ إذ نمت الاستثمارات البريطانية في المملكة عن العام 2019 بنسبة 200%، ويتجاوز عدد الشركات البريطانية المرخصة للاستثمار في السوق السعودية 500 شركة برأس مال يزيد على 6 مليارات دولار، كما توجد 200 شركة تضامنية بين الجانبين.
وأسست شركة أرامكو السعودية مكتب التقنيات التابع لها في مدينة أبردين الاسكتلندية، ليسهم في تطوير تقنيات الحفر والإنتاج، وتقع الذراع الأوروبية لشركة أرامكو السعودية لمشاريع الطاقة في هذا المكتب، الذي تتمثل مهمته في إقامة علاقات مع شركات تقنيات الطاقة الرائدة ذات الثقل الاستراتيجي وتوطيدها.
سبق أن قال بوريس جونسون عن علاقة بلاده بمنطقة الخليج عامة: "سيكون لديها علاقات مزدهرة مع دول الشرق الأوسط والخليج بناءً على التجارة، والابتكار الأخضر، والتعاون في العلوم والتقنية"، كما أنّ هناك فرصًا لتحقيق المزيد من التعاون المشترك فيما يخص التعاون الاقتصادي في مجال صناعة السيارات وصناعة المواد الكيميائية ومجال الصحة، إضافة إلى التعاون في مجال الخدمات المالية والتأمين والزراعة والخدمات السياحية".
وعن سعي المملكة لتوثيق أطر التعاون بما يخدم إسهامها في تحقيق رؤية 2030، فقد نوّه رئيس الوزراء البريطاني إلى أنّ المملكة تستند إلى مواطن قوتها، ومن ضمنها الموقع الاستراتيجي المميز الذي يساعدها في تعزيز مكانتها كمحرك رئيس للتجارة الدولية ومحور يربط القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا.