يرى الكاتب الصحفي خالد السليمان، أن ظاهرة طوابير القهوة الصباحية، مرتبطة بالوعي الجمعي وتحمس الناس لتجربة الشائع؛ فالطوابير الطويلة هي التي تجذب الناس للوقوف بها اعتقادًا بأن سببها منتج مميز.. يأتي ذلك تعليقًا على تقرير "سبق" الذي أعده الزميل شقران الرشيدي حول الهوس بالقهوة التي تبيعها بعض الأكشاك.
وفي مقاله "طابور (القهوة)!" بصحيفة "عكاظ"، يقول السليمان: "كتب الزميل شقران الرشيدي تقريرًا صحفيًّا لطيفًا حول الهوس بالقهوة التي تبيعها بعض أكشاك القهوة على الطرق وعند محطات الوقود، وأشار إلى أن البعض ينتظر في طوابير طويلة، وقد تصل فترة انتظاره إلى نصف ساعة أو ساعة؛ من أجل الحصول على كوب قهوة!".
ويعلق "السليمان" قائلًا: ما رصده الزميل الرشيدي في تقريره كان مدار تندر مؤخرًا؛ نظرًا لتنامي هذه الظاهرة وانتشار أكشاك القهوة التي تعتمد في شُهرتها على تناقل الترويج لها في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد لاحظت كشكًا عند محطة الوقود القريبة من منزلي تمتد طوابيره إلى درجةٍ سد فيها منافذ المحطة أحيانًا وتسبب في الحرمان من خدماتها، وقد قررت أن أجرب القهوة التي يبيعها رغم أنني لست من عشاق القهوة سوى في أوقات السفر؛ فوجدتها قهوة عادية جدًّا!".
ويرى "السليمان" أن السر يكمن في الطابور الطويل ويقول: "يبدو لي أن المسألة مرتبطة بالوعي الجمعي، فالطوابير الطويلة تجذب للوقوف بها اعتقادًا بأن سببها منتج مميز، وأذكر أنني مررت بمحل مثلجات آيسكريم جديد في شارع صغير قرب جامعة ستانفورد جنوب سان فرانسيسكو؛ فلفت انتباهي وجود طابور امتد لأكثر من كيلومتر، وقررت مع الأسرة أن ننضم له طمعًا في اكتشاف سر الاهتمام بالمنتج الجاذب، وخلال انتظار امتد أكثر من ٤٠ دقيقة؛ كان تندر المارة مسليًا، وكان أغلب المشاركين يُبدون جهلهم بالمنتج، وأنهم يسعون لتجربته.. في النهاية اتضح لنا أنه منتج جيد؛ لكنه لا يستحق الوقوف في طابور طويل للفوز به، ولم نكرر تجربة الانتظار!".
ويروي "السليمان" قصة أخرى تؤكد تأثير الدعاية في الظاهرة، ويقول: "صديق زار الرياض من جدة، أشار علي بتجربة محل مخبوزات، ذهبت إليه ظهرًا فقال البائع إن جميع المنتجات نفدت، وأن عليّ العودة صباح الغد شريطة ألا أتأخر عن العاشرة؛ سألتهم ما السر الذي يجعل نشاطكم ينتهي ظهرًا؟ قال: الجودة.. عدت في يوم آخر بموعد أبكر فلم أجد سوى بقايا منتج وحيد وطابور طويل، وفزت بقطعة من القطع الأخيرة، وعندما تذوقتها وجدتها جيدة لكنها ليست متفردة ولا تستحق كل هذه السمعة التي فهمت لاحقًا أن سببها تناقل الناس لمقطع ترويجي انتشر في إحدى وسائل التواصل، فهبت الجموع للطابور الصباحي تأثرًا به!".
ويُنهي "السليمان" قائلًا: "باختصار.. جميل أن نجرب الأشياء الجديدة ونبحث عن المنتجات الجيدة؛ لكن إشباع الهوس يقودنا أحيانًا أكثر من البحث عن المذاق!".