كتب: علي الحازمي: في الوقت الذي تصرخ وتصيح فيه وسائل الإعلام القطرية، سواء الرسمية أو الموتورون التابعون لها على مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك حملة أو استهدافاً أو تقويلا للتصريحات التي صدرت عن أمير قطر، إلا أن العقلاء يعرفون جيداً أن تلك التصريحات لم نطالعها في صحف إيرانية أو نسمعها من وسائل إعلام إسرائيلية، بل نطق بها الشيخ تميم ونقلها التلفزيون الرسمي، وهي أمور مثبتة ويمكن الرجوع لها لمن أراد.
مواقف قطر، ربما الخليجيون اعتادوا مثل هذا الخروج المسيء لقطر قبل كل شيء تجاه أشقائها، بل إن الصدمة هذه المرة كانت أقوى وأقسى للمبادئ العربية الثابتة، فالتعامل مع إسرائيل كان معروفاً عن قطر، ولم ينظر حينها لدلائل مثل تصريحات مسؤولين إسرائيليين تؤكد ذلك، بل هذه المرة وقف كبير الهرم في قطر الشقيقة المشاغبة ليعترف علنا بأن "علاقتنا جيدة" مع العدو الإسرائيلي!
المحللون والخبراء ليسوا فقط من أدركوا عمق التخبط القطري هذه المرة، بل اتضح للجميع وعلى طريقة "شهد شاهد من أهلها" أن قطر تمادت وتجاوزت، وهو أمر لا ينبغي السكوت عليه من أشقائها حيث من المفترض أن ينظر البيت الحاكم لوحدة الدم والمصير وشراكة القرار، خاصة أن قطر خرجت للتو من ضيافة سعودية أجلستها على طاولة واحدة مع صناع القرار في العالم.
أما إيران فهي "المتفق عليها" عالميا كمصدر للشرور والإرهاب في العالم، وأن تخرج قطر لتطعن الخاصرة الخليجية والعربية بهذا الشكل، فهو "تجاوز غير حكيم" في التصريحات وغير مقبول، خاصة أن "سماجة" التبرير لاحقا باختراق وكالة الأنباء القطرية كان بحق "عذرا أقبح من ذنب"، وإذا كانت الوكالة اخترقت فماذا عن التلفزيون الرسمي؟ لأنه في هذه الحالة من يصدق بيان النفي المتغابي فهو كمن يحاول أن يحجب الشمس في رابعة النهار.
قطر ومن خلال وسائل إعلامها التي سلطتها دسيسة وعلنا وتصريحا على نصاعة المواقف الخليجية والإسلامية، لم تعد خافية مثل دعمها لجهات عُرفت بأنها من أدوات الإرهاب الإيراني. ومحاولة التظاهر بالوقوف على مساحة واحدة من الجميع ومن تلك الجماعات هو أمر غير مقبول. فالتعاون والتقارب ولو من تحت الطاولة في أمر كالإرهاب، هو أمر لا يقبل الحياد لأن الحياد هنا خيانة حقيقية.
خلال الـ 24 ساعة الماضية تحديدا انكشفت الكثير من الحسابات المأجورة وظهرت حسابات لمواقع إلكترونية كانت تتصنع الحيادية وتحاول النيل تلميحا وتصريحا من النخيل السامقة والمثمرة، فانكشفت هذه المرة ونزلت الميدان مسعورة لتبرر للباطل والأكاذيب وتحاول أن تتهم الآخرين بما تمثله هي خير تمثيل، وهو أمر مخزٍ في الحقيقة وبعيد عن أبسط المبادئ والمثل.
قطر لم تتعلم من كل الدروس الماضية، خاصة الأزمة الخليجية الأخيرة التي وصلت لحد سحب السفراء أو قاربت، فمتى تتعلم قيادة قطر أن البيت الخليجي هو الملاذ الحقيقي وأن القضايا العربية وأبرزها القضية الفلسطينية عندما تُطعن بتطبيع مع العدو الإسرائيلي فهو موقف عدائي ضد القضية نفسها وضد من يقف خلفها خليجيا وعربيا وإسلامياً، وهو أمر لا يمكن التماس العذر فيه لصانع القرار السياسي في قطر بأي طريقة مهما قدم السياسيون الخليجيون الحكمة ومبدأ التغافل الحليم.
على القيادة القطرية أن تدرك الرسالة الموجهة لها من أشقاء لم يعد لديهم الصبر على من يطعن من الخلف ثم ينتقل للمجاهرة علناً بمساندة الدول الإرهابية أو الدعوة للمصالحة معها وتفهم مواقفها.. ومن يتفهم مواقف الإرهاب البغيض إلا كل من فقد عقله وأغلق قلبه وأغفل ضميره الإنساني.
تصريح الشيخ تميم كان مؤلما للعقلاء القطريين، وأجزم بذلك. فما معنى أن يشيد الشيخ تميم ضمنيا بإيران والدفاع عنها وأنه ليس من المصلحة التصعيد معها، بل ويصف حزب الله الإرهابي بأنه يمثل المقاومة، والمضحك أنه – أمير قطر- في نفس الوقت له علاقة مع إسرائيل، التي هي و (حزب الله) ضدان، وفي نفس الوقت يقول إن قاعدة (العديد) تمثل حصانة لقطر ضد "أطماع بعض الدول المجاورة" !.. فمن تقصد يا شيخ تميم إذا كنت ترى إيران وإسرائيل وحزب الله أصدقاء!!!
حكماء الخليج والعرب لن يسمحوا بالمزيد من الهراء في هذا الأمر، وعلى عقلاء قطر تدارك الأمر والتخلي عما يسيء لقطر قبل كل شيء.
أما قرار حجب الوسائل الإعلامية القطرية فهو في نظري حماية لشعوب الدول التي قامت بذلك سعيا للارتقاء بنظرة المشاهد والقارئ العربي نحو الإعلام المهني بعدما أشبعت تلك الوسائل المدسوس فيها الكثير من أسماء أكثر ما تبغض في العالم ربما من أحضرها وصرف لها الرواتب الهائلة والتسهيلات الكبيرة ووجهها بوقا ووسيلة هابطة للإساءة للحكمة والسعي العربي والإسلامي لردم الفجوات وتحقيق التقارب الأخوي.