عندما يتفق التجار المتنافسون على المشتري، وعندما تكون الغرامات بمئات الملايين غير رادعة، اعلم بأن الموضوع أخطر بكثير من مجرد مخالفات وغرامات.. الموضوع يثير الشكوك حول إيجاد العقبات في طريق الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، التي ركنت في أدراج اللجان منذ 10 سنوات. نتحدث في هذا المقال عن "سلعة الأرز"، ولكن أليس الأرز جزءًا بسيطًا جدًّا من المواد الغذائية؟ ماذا عن البقية؟ وماذا عن السلع الأخرى؟
غالبية المخالفات التي رُصدت وطُبِّقت هي "اتفاق بين المتنافسين على تثبيت الأسعار". ومجموع الغرامات عام 2013م وصل لـ 40 مليون ريال على المنشآت العاملة في سلعة الأرز، حسب موقع "مجلس المنافسة". وفي منتصف عام 2014م فرض مجلس المنافسة غرامات قدرها 80 مليون ريال على المنشآت العاملة في سلعة الأرز. وحسب صحيفة عكاظ، تم فرض غرامات قدرها 266 مليون ريال على تجار الأرز في عام 2016م. ومؤخرًا في عام 2017م شهدنا غرامات بـ 25 مليون ريال على تجار الأرز. المهم أن غرامات الأرز وصلت قرابة نصف مليار خلال السنوات القليلة الماضية. لا بد أن أرباحهم تفوق ذلك بمئات المرات.
الأرز يُستورد من "الهند"، ويملك المَزارعَ في الهند تجار سعوديون؛ ولذلك لم نستفِد من انخفاض الروبية الهندية 70 % مقابل الريال السعودي خلال 10 سنوات. الموضوع ليس مواجهة ومتابعة تجار، الموضوع أنظمة وفك الاحتكار وإيجاد الخيارات.
هل المشكلة في الأرز فقط؟ أم الألبان والأجبان والسلع الأخرى؟ هل المشكلة في المواد الغذائية فقط؟ أم الملابس والمطاعم والفنادق وغيرها؟ ماذا عن السكن والعقار والسيارات وبقية السلع؟ هل اللغز محير؟
إنها الأنظمة والثغرات والاحتكار.. وقد كتبت كثيرًا: "ما لم يتنافس التجار على خفض الأسعار اعلم أن هناك احتكارًا واتفاقًا ومؤامرة". يجب أن نتوقف كثيرًا عندما نعلم أن المتنافسين يتفقون فيما بينهم، بدلاً من محاربتهم لبعض.
نحن بحاجة لتفعيل التجارة الإلكترونية بشكل كبير ومنفتح، مع ضبط أنظمتها. نحن بحاجة لمراجعة ملف "الجمعيات التعاونية الاستهلاكية" بأسرع وقت ممكن. نحن بحاجة لحماية المواطن من جشع التجار الذين يستفيدون من ضعف الأنظمة والثغرات والتلاعب.
القوة الشرائية انخفضت لنحو 40 %، والمواطن بحاجة لحماية من تجار الجشع، وليس هناك أقوى من الأنظمة وكسر الاحتكار والتستر والجشع..
أخيرًا، الغرامات أصبحت شيئًا يسيرًا.. التاجر أصلاً أضافها على الأرباح.