غزو أوكرانيا.. "الراشد": نحن في عالم مثل الغابة.. لا احترام فيه إلا للقوي

الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد

الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد

تعليقًا على غزو روسيا لأوكرانيا، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد على الدرس المستفاد، وهو أننا في عالم مثل الغابة، لا احترام فيه إلا للقوي، الذي يعتمد على نفسه، ومفهوم القوة ليس كله عسكريًّا، بل علميًّا وتقنيًّا واقتصاديًّا، فالاتحاد السوفياتي انهار لأسباب اقتصادية، في وقت كان ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم.

السلاح يصنع العالم.. وليس السلام

وفي مقاله "السلاح لا السلام" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول "الراشد": "غزو روسيا أوكرانيا اليوم يؤكد ما عرفناه بالأمس، السلاح وليس السلام يصنع العالم. التاريخ يكرر نفسه، رغم مساعي بناء منظومات دولية، واتفاقات الحدود والخرائط، كلّها لم توقف النزاعات والحروب.. وثيقة الاتفاق الحدودية مع إيران لم تمنع صدام حسين من تمزيقها وعبور الحدود، بعد سقوط الشاه، واحتل الكويت رغم أنها عضو معه في جامعة الدول العربية، ورغم اتفاقية عدم الاعتداء، أما وجود قوات الدول الكبرى فلم يمنع نظام طهران من السيطرة على العراق وسوريا ولبنان، ولا تهديدات الحروب من أرمينيا إلى أثيوبيا وليبيا واليمن وسوريا، وإلى أوكرانيا".

ما يحدث أمر صعب التصديق

ويرصد "الراشد" تجليات القوة، ويقول: "كان العالم يعتقد أن الحرب العالمية الأولى، التي كانت تسمى (الحرب الكبرى) هي نهاية الحروب؛ بسبب الدمار الذي ألحقته بالعالم، لتثور الحرب العالمية الثانية بعدها بـ21 عامًا، فكانت أكثر دمويةً وتدميرًا، قتلاها 60 مليونًا مقارنة بـ40 مليون قتيل في الحرب الأولى.. الأوروبيون كانوا يظنون أن 2 سبتمبر 1945 هو آخر يوم قتال على قارتهم، حتى زحفت قوات روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير المنصرم. هل يفترض أنه يعني شيئًا لهم أكثر من نزاع بين بلدين؟ طبعًا، لأن الدولة الأكبر مساحة في أوروبا أكلت الدولة الثانية مساحة في القارة، وكانت الجملة الأكثر ترديدًا: "إن ما يحدث أمر صعب التصديق". بالنسبة للإنسان الأوروبي، فهو اعتاد كثرة الحروب والقلاقل في العالم، لكن أن تحارب أو تحتل دولةٌ دولةً أخرى، مشهد غير مألوف في أوروبا التي ودّعت حروب الدول منذ 76 عامًا و9 أشهر. طبعًا، لا تُحتسب حرب الإخوة في اتحاد يوغسلافيا المنهار؛ لأنها كانت انشطارات داخلية بين الأقاليم السبعة".

حرب أوكرانيا ستغير كثيرًا في العلاقات الدولية

ويرى "الراشد" أن حرب أوكرانيا ستغير كثيرًا في العلاقات الدولية، ويقول: "الأرجح أن تنتهي أزمة أوكرانيا باتفاق سلمي، سواء بعودة كامل الدولة، أو بما تبقى من الفريسة، لكن هذه الحرب تحديدًا ستغير كثيرًا في العلاقات الدولية، وستعزز مفهوم الدفاع الوطني والإقليمي ضمن الاستعداد للحروب المقبلة.. كانت ألمانيا من أكثر الدول استعدادًا للخروج عن ترتيبات المنظومة الاتحادية الأوروبية، ومنظومة الناتو، بالتعاون مع (الفزاعتين) روسيا والصين، بعد غزو أوكرانيا سارعت برلين للإعلان عن إنفاقها العسكري، وبدّلت موقفها، معلنةً رفض خط الغاز الروسي الاستراتيجي (نورد ستريم 2). وكانت ألمانيا والدول الأوروبية تعتبره سببًا للتعاون وحصانة ضد الحروب، في حين كانت الولايات المتحدة تحذرهم من أنه سلاح في ثوب أنبوب غاز. غزو أوكرانيا غيَّر المعادلة، وصار يوحي بأنه سيستمر بعد جورجيا والقرم وأوكرانيا نحو مزيد من أوروبا. وقد تكون للروس مبررات دفاعية مقبولة ضد نشاط حلف الناتو، وتطويقه روسيا، لكن الأوروبيين المسالمين اعتبروا الغزو يستهدفهم جميعًا".

غزو أوكرانيا زاد قوة الناتو.. وأضعف موسكو

وعن توازن القوى، يقول "الراشد": "غزو أوكرانيا زاد من قوة الناتو، وليس العكس، وقرّب الأوروبيين الغربيين من القيادة الأمريكية، وليس العكس، التي استغلت الأزمة لتقوية مركزها بشكل لا مثيل له منذ الحرب الباردة، لاعتبارات مفهومة، لن تتورط دول الناتو في حرب مباشرة دفاعًا عن أوكرانيا، إنما تفوق الغرب في سلاحه الاقتصادي والمالي سيُضعف بالمقاطعة موسكو كثيرًا، وسيضطرها إلى التراجع أو التصالح".

نحن في غابة

وينهي "الراشد" قائلاً: "الدرس المستفاد من الأزمة هو أننا في عالم مثل الغابة، لا احترام فيه إلا للقوي والقوة، والاعتماد على النفس، ومفهوم القوة ليس كله عسكريًّا، بل علميًّا وتقنيًّا واقتصاديًّا، فالاتحاد السوفياتي انهار لأسباب اقتصادية، في وقت كان ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org