غياب دور "الهيئة" في انفجاج أهل السينما

غياب دور "الهيئة" في انفجاج أهل السينما

عندما أتحدث فلا بد أن أعي المنطق بشفافية.. وإن تَضَايَقَ ثلة تريد هدم البنيان المرصوص وزرع الشر فيمن تَعِب الآباءُ والأمهات بتربيتهم!

عاش الوطن مائة عام -بحمد الله- وأموره سمحة وخيرة، محافظاً على سمت البناء وعلى القيم والعادات والأخلاق؛ بما لا يعطل التطور، وأصبح الوطن يباهي العالم في كل المجالات.

الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه- وأبناؤه البررة يَعُون أهمية العقل المعقود في الشعب.. ويعون أهمية الوحدة وعدم شق الصف.

ولا يُسمح لأحد أن يزعزع الكيان بخزعبلات الحرية والانفتاح التي فُهِمَت -مع الأسف- خطأ.

إصرار أبناء عبدالعزيز وأحفادهم العقلاء، رحم الله المتوفين منهم وحَفِظ الله الأحياء، يَزِنُون الأمور وفق مصالح الوطن ديناً وخلقاً إلى عهدنا الحاضر، و"أبو فهد" -حفظه الله ومتّعه بالصحة والعافية- عُرف عن سمته الاجتماعي والأخلاقي وعضديه نشوة الأمل حفظهم الباري.

فليس كل كاتب أمسك قلماً ومُنح زاوية يحنك القول وفق رؤيته أو رؤية جمع من الدافعين بالثناء عليه، ليهيج بالرأي هنا وهناك.. ويفرض تصوره كي يصغي له جمع من القراء؛ محاولاً فرض الفكر الممغنط وكأنه رأي عشرين مليون مواطن.

القياس هنا مع مخالفة هذا الكاتب أو مَن هم في صفته من المكتتبين وهم قلة.. الذين رأوا في إلزامية المجتمع أن تكون لديه كل مسَلّمات الانفتاح والتطور؛ من خلال مسارح تجمع الغث والسمين. ودور للسينما التي أنقصت من إرادتنا وتطورنا كما يدّعون!

ثم يقارنون ذلك بسفر بعض الأسر إلى الخليج والعالم الأوروبي "عشان يشوفون سينما على حد زعمهم! ليش نتعبهم ويخسرون الدولارات! خلوها فري سينما فري مسارح ونحفظ دراهمهم في المملكة!".

عجباً ألم يعِ هؤلاء سيكلوجية شبابنا؟

ألم يدرك هؤلاء معنى الانفلات..

إذ إن التفحيط لم يُسيطَر عليه ولا على نظام القيادة ولا على شغب كروي بحكم اندفاعية بعض الشباب، ولا حتى رمال الثمامة وغيرها في مدن كثيرة.. ولا على شواطئ البحر! كيف ستسيطر على تلك الزوايا؟!

لنَكُنْ عقلانيين.. إننا لا نسافر بعشرات الألوف من أجل سينما! ولا لحضور حفلة غنائية يُضحك علينا فيها بتذاكر ذات قيمة خيالية لصالح فلان أو فلانة.

وفي النهاية تتباهى تلك بالألماس وعقود اللؤلؤ وسيارات فاخرة وبيوت ملكية، وغطرسة لا مثيل لها.

والسبب ليس لأنهم علماء نوويون أو مخترعو صواريخ أو صانعو طائرات لحماية أوطانهم وعقيدتهم؛ بل لأنهم يضحكون علينا بأصوات وطبول وتهريج وصراخ وهز وسط "والحسّابة بتحسب".

حتى في قصور الأفراح يضحكون علينا بـ"فِرَق فنية" بآلاف الريالات، ولم تستطع الظروف الاقتصادية أن تؤثر على أسعار تلك الفِرَق الزواجية.

كل الحكاية ٢ طار وسمسمية وطبل وواحد يغنّي؛ ٤٠ ألف ريال وهكذا..

لكن أعود للمقارنة بمن ناشد بعدم ضرورة فرض دور سينما أو مسرح للأغنية وخلافه وتحريمها وفق الشرع.. إلى أن يُضحكنا البعض بأن مَن أفتى بحُرمة السينما جاهل بها لا يعرف ما هي السينما ولم يحضرها مسبقاً.

أكيد أن سماحة المفتي ومَن في حكمه -حفظ الله قادتنا وعلماءنا- لا يحضرون مثل هذا اللجج الأخلاقي.

تخيّل لو أن من ادّعى حضارية السينما أن ابنته وابنه المراهقين متجاوران في خشبة السينما، وذاك الفلم الأكشن أو الرومانسي قبلات وردحات وما بعدها -مع العذر لهذا التشبيه- كيف ستكون يا صاحب الحبر المسيل بين أبنائك؟

إن كنت لا تعي سلبية هذا الفعل فهذا شأنك..

ثم يقولون ما الفرق بين المشاهدة في البيوت لتلك القنواة؟!

وهي ممازحة ومقارنة غبية؛ لأن مَن في بيته تربية يستطيع تجاوز تلك الانحرافات في تلك القنواة بالتحصين المسبق بحول الله وتربية أبنائه.

أما دوركم السينمائية لا تحكمها الفردية؛ بل الفرض الجماعي لإكمال مشاهدة كل اللقطات! وإن غطيت وجهك أصبحت مَضحكة الحاضرين! وهي ذاتها مَن ستفسد عقيدة وتربية النشأ!

اتقوا الله في جيل سيهيئ لرؤية قادمة بحول الله.. يقود الوطن فكرياً وأدبياً واقتصادياً..

المضحك أنه لو أزيحت من الفيلم تلك اللقطات لقيل إنه "غصب واحد واثنين"! وأن الفيلم أصبح نصف ساعة بدلاً من ساعتين، وهكذا.

ما يُعرف لهؤلاء سبيل

مشكلتنا في ظل غياب دور الهيئة عن القيام بدورها المباشر في الضبط الاجتماعي والأخلاقي البائن للعيان! وانكفائه على "الشرط والدوريات".. خلال الفترة السابقة يضعف الدور المهم أمنياً الذي نلمسه من رجال الأمن الأفذاذ في ضبط الجريمة والسطو والسرقات والاعتداء على المنازل والبنوك والأفراد.

إن تجاهل دور الهيئة وتواجدهم في أماكن زُرع فيها الشر وفق أعضاء مدربين ومثقفين في التعاطي مع التحرش والانفلات؛ يؤدي بالأمر إلى بُعد أخلاقي يؤثر على المجتمع، استغله بعض الأجانب -قبل المواطن- في إيذاء كرامة وعفاف البنت.

والمشاهدات التي لمسناها في بعض المناسبات والمعارض وما يدور في كنفها وأطرافها، شيء مخجل من بعض الأجيال الذين يُعزى فيهم رؤية الوطن في القادم من الأيام.

الانفلات المجتمعي والتغرير بالمراهقات وصنوف من المواقف، قد تحتاج إلى تعديل سلوك وضبط وتواجد رجالات الهيئة المدربين، وتعزيز البرامج الاجتماعية والإعلامية المحفزة لهؤلاء الأجيال من الجنسين للحفاظ على كرامتهم؛ حتى وإن كَرِهَ البعض مطالبتي وتأويلها لمنحى آخر.

اليوم، ومن خلال القياس الميداني وسلوك الشباب للمواقف المتكررة في بعض المجمعات الصغيره التي تحتوي على مطاعم في بعض الأماكن الشهيرة، نشاهد مناظر مخجلة لم نعهدها حتى في بعض البلدان المجاورة؛ لما فيها من تعمد للمضايقات وألفاظ تُلقى للآخر بصورة مقززة ومستفزة، لو أن مكان تلك الفتيات قريبتك أو غيرها من المتزنات لأوجعت القلب أكثر.

المناشدون بالسينما وحفلات الغناء لتحقيق مآرب في داخلهم لا يدركون أبعاد تلك المفاهيم عن سيكولوجية بعض أفراد المجتمع من جيل يهفهف على الانفلات، وليتهم بتلك التصرفات فقط؛ بل ترتفع أصواتهم بشيلات وأصوات نشاز من أجل لفت نظر المارّة في ظل شعورهم بالحرية وعدم وجود مَن يلطم غرائزهم.

إنها الرذيلة حينما تنخر الأماكن التي يجب أن تكون محترمة باحترام الوطن الغالي.. وستؤول تلك المواقف إلى بُعد أخلاقي وتغرير النشأ -لا سمح الله- بانتشار وقوع تلك الصغيرات في المخدرات بأنواعها والمسكرات وشرب التدخين والشيش والسهرات؛ مما لا يحمد عقباه! وهذا ما يتغنى به أعداء الوطن داخلياً وخارجياً.

لنأخذ عبرة من دول فيها ما تطالبون به، ماذا آلت إليهم الأمور؟

لا تقولوا نحتاج إلى نظام؛ لأنها كلمة مبتذلة؛ بل نحتاج إلى تهذيب مجتمع فاقته تصرفات شباب؛ ليس فردياً بل جماعياً مستهتراً بالنظام: في التفحيط، والتجمعات التحرشية، والسطو على الصيدليات، والسرقة، والاعتداءات، وغيرها؛ حتى شاشات الكرة التي تُحقق لهؤلاء الغريزة وتخفف من طاقاتهم وتشبع رغباتهم؛ أفسدتها بعض البرامج الكروية وبعض محللي الأهازيج والكذب والصراخ دون رادع لهم.

لم يبقَ لنا سوى عودة بقوة لفرض النظام الفعلي وعودة (رجال الهيئة) ميدانياً وبسلطة قوية وتدريب واختيار أعضاء مميزين وإشراف ميداني محنك، تُجانب رجال أمن مخصصين تحت مسمى "الأمن الاجتماعي" بنفس قوة الشرط العسكرية.. فيهم الحزم والشدة العقلانية؛ لكبح هيَجان بعض الشباب الذين تَحَوّلوا من رمال الثمامة إلى وسط المدينة، في مواقف أفسدت شخصية الوطن أمام كل مَن يعمل في تلك الأماكن؛ مستغلين غياب دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهيجان أصوات المناشدين بالسينما والأغاني المسرحية.

أتمنى النظر في عودة رجال الهيئة الميدانيين؛ شريطة تدريبهم ٣ أشهر على معالجة الأزمات والمواقف وحُسن التعامل، ويتدربون على طرق القبض والنصح والتوجيه وإبعاد الشباب عن تلك التجمعات والتحرشات والاستعراضات! والتعامل مع هؤلاء المخرّبين للفضيلة؛ لحماية مجتمعاتنا بمساعدة أمنية متخصصة، لحماية المجتمع وتفريغ الشرط والدوريات الأمنية للضبط الأمني.

ومن أراد الحرية المزيفة فدول الفرص مفتوحة لهم؟

ليت هؤلاء يطالبون بتطوير الشباب للاختراع التكنولوجي وصناعات حربية لحماية الأمن الوطني وتشجيع مواهبهم التي تخدم حماية كيان الأمة بدلاً من تلك المطالبات التي لا تزيدنا إلا هدماً.

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم في قيادة عليا متميزة تنظر للعمل الميداني بحكمة وروية، قادرة على إيجاد موارد بشرية يوثَق بها ميدانياً.

دام وطني نقياً.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org