استضافت الغرفة التجارية بمكة المكرمة ملتقى ومعرض "صناع العقار" في نسخته الثالثة، وهو إحدى مبادرات اللجنة العقارية الوطنية باتحاد الغرف السعودية. وتأتي الاستضافة تزامنًا مع فعاليات احتفال غرفة مكة بمرور 75 عامًا على إنشائها، وتدشين مركز غرفة مكة المكرمة للمعارض والفعاليات.
وشهدت الجلسة عددًا من الضيوف، فيما ناقش المسؤولون حزمة من التحديات التي تواجه قطاع العقار والرؤية المستقبلية له، وفق التخطيط الذي يسير بخطى راسخة حاليًا. وكان على المنصة الرئيسية للجلسة الرئيس التنفيذي لهيئة السوق المالية محمد بن عبدالله القويز، ومحافظ الهيئة العامة لعقارات الدولة إحسان بن عباس بافقيه، والرئيس التنفيذي للتخطيط والتنمية للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة المهندس الدكتور وليد بن عبدالله عبدالعال، ووكيل الاستثمارات وتنمية الإيرادات في وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان المهندس خالد محمد الدغيثر، ووكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان للأراضي والمساحة، والمشرف العام على برنامج رسوم الأراضي البيضاء المهندس عبدالله بن سعود الحماد، والمحافظ المكلف للهيئة العامة للعقار طارق بن علي الحفظي.
واستهل عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بمكة المكرمة رئيس اللجنة العقارية، المهندس انس صيرفي، الجلسة مؤكدًا أن انعقاد الملتقى الثالث لرواد العقار بالغرفة، بمشاركة أهم صروح ورواد العمران والمشاريع الريادية بمكة المكرمة، يأتي بالتزامن مع النهضة الشاملة التي تشهدها السعودية، والرؤية الطموحة التي وضعت أم القرى على رأس قائمة أولوياتها، وأُنشئت من أجلها الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة دعمًا لصناعة القرار، ولتوحيد جهود تخطيط وتطوير أم القرى، وتحفيز الاستثمار فيها.
وتحدث المهندس صيرفي عن أهم التحديات التي تواجه مخططات مكة المكرمة، وحالت دون بلوغها الدرجة المأمولة لها على مدى عقود؛ كونها لم تدخل في صميم الدراسات المستقبلية، وتقديم الحلول التطبيقية للتعامل مع التحديات.
وأوضح أن آخر تلك المخططات اعتمادًا كان قبل 10 سنوات، وهو ما أوصى بإخلاء المباني في نطاق دائرة 550 مترًا عن الكعبة المشرفة، وتخفيض الكثافة في المنطقة المركزية فيما يلي الدائري الثاني بخفض الارتفاعات إلى 8 أدوار، غير مراعٍ لحق الملكيات القائمة والنظامية في بناء 20 دورًا، كما لم يضع حلولاً عملية تكفل التعامل مع العشوائيات المحيطة؛ ما اضطر هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة حينها إلى تجميد العمل به، واعتماد مشروع خادم الحرمين الشريفين لإعمار منطقة مكة المكرمة كبديل مؤقت لوضع حلول مسكنة، بعكس ما نأمله من المخطط الشامل اليوم.
وقال "صيرفي": "لا نريد للمخطط الشامل أن يتسبب في تفريغ المنطقة المركزية وعزل المسجد الحرام عن محيطه العمراني، بل أن يتكامل معه، كما كان عليه الوضع في السابق، وأن تعمل مخرجات المخطط على تعزيز الهوية العمرانية، وتحسين المشهد البصري لمكة المكرمة، بعد أن أصبحت مكة مدينة بلا هوية، واستعادة الهوية التاريخية وإبرازها، وهو ما توليه الهيئة جل اهتمامها، متمثلاً في مشروعَي تطوير جبل ثور وجبل النور، ومعالجة العشوائيات التي بلغت أكثر من 60 حيًّا، شوهت الوجه الحضاري لأم القرى، والأهم هو وقف مواصلة نموها، ووضع سبل تفعيل الأنظمة والتقنيات اللازمة لرصد أي منابت لها". معربًا عن أمله بإقرار حق المنفعة لمدة 99 عامًا لتملك غير السعوديين في مكة المكرمة؛ ما سيساهم في رفع أدوات التمويل.
وتناولت الجلسة المشاريع العملاقة والخطط المستقبلية وخطط القطاع العقاري الاستراتيجية، والفرص الاستثمارية والرؤية المستقبلية للعمران في مدينة مكة المكرمة.
من جهته، قال محمد القويز إن التمويل هو الوقود الذي يحوِّل المخططات والأحلام والمشاريع المستقبلية إلى واقع ملموس، وهو دور السوق المالية؛ إذ يقوم أيضًا بتمويل الحقوق الملكية التي كانت تلعب دورًا في فكرة المساهمات العقارية التي ساهمت في التطوير بشكل عام.
وقال إن الملكية في مكة والمدينة كان لها ضبط؛ لأن العقارات في مكة والمدينة تعتبر من محددات الأمن الوطني، لكن في الوقت نفسه منذ صدور قرار التملك في مكة والمدينة بدأت تتطور الأسواق المالية، وتتطور نماذج الانتفاع وإتاحة أشكال من التملك، سواء المباشر أو غير المباشر.
من جهته، أكد إحسان بافقيه أن العشوائيات ما زالت في البداية، والحلول السابقة كانت تطويرًا جزئيًّا وقتيًّا، لكن اليوم استطعنا أخذ قرار سريع بعزل العشوائيات في جدة، والتعويض سيكون خلال 6 أشهر في جدة، وسيتم توسيع الأمر في مكة المكرمة.
أما الدكتور وليد عبدالعال فأكد -من جانبه- أنه تم حصر المواقع العشوائية في مكة، والتعامل معها كفرص استثمارية ضمن المخطط الشامل لمكة المكرمة. وتخطيط المواقع العشوائية يشهد تغيرًا في التعامل، وكل منطقة في مكة يتم التعامل معها حسب خصائصها، والآن لا توجد عشوائيات جديدة.
من جهته، اشترط المهندس خالد الدغيثر أن تعالج العشوائيات لتخلق الفرص عقب ذلك، ولا يمكن استثمار أي قطعة أرض في أي مدينة من المدن ما لم يكن هناك مخطط معتمد.
وبدوره، أشار المهندس عبدالله الحماد إلى أن موضوع العشوائيات مشكلة موجودة في بعض المدن، ولكن بالتوجيه والتنسيق ستصبح من الماضي. وهناك جهد تكاملي بين مختلف الجهات، بما فيها رعاية السكان؛ لتصبح العشوائيات من الماضي. ونحن نتحدث عن تنمية الإنسان والمكان، وتمتد العملية إلى منطقة نموذجية، توفر حياة كريمة.
فيما أكد طارق الحفظي أن "العشوائيات كانت لديها تنظيمات متوافرة من قِبل الجهات الحكومية. نحن نتعامل مع المستقبل، ونتوقع أن العشوائيات لن تكون في مستقبل السعودية".