"قانوني": التفريق للنسب مختلف فيه ومردّه للقضاء.. حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق

قال: لكل فريق أدلته.. فلا تنجرفوا وراء المشادات وما يتبعها من تهديد بالقتل والاعتداء
"قانوني": التفريق للنسب مختلف فيه ومردّه للقضاء.. حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق
تم النشر في

أكد أستاذ القانون بجامعة الطائف المحكم الدولي الدكتور عبدالله الوذيناني، أن قضايا طلب التفريق بين الزوجين بسبب عدم تكافؤ النسب التي تثار بين الفينة والأخرى، وتُحدث جدلاً واسعاً في أوساط المجتمع، ويصبح الناس في حيرة من أمرهم تجاه هذه القضايا مع ما يشاهدونه من مشادات في قنوات التواصل الاجتماعي المختلفة، ونشوب خلافات بين أسر وقبائل، وتهديد بالقتل والاعتداء بسبب مثل هذه الدعاوى؛ هذه الأمور تحتاج إلى بيان واستجلاء فقهي وقضائي لكي يعقل المجتمع أحكام مثل هذه القضايا؛ مشيراً إلى أن تفريق الزوجين للنسب مختلف فيه ومرده للقضاء.

وأضاف "الوذيناني"، أن مثل هذه القضايا، يطول الكلام الفقهي فيها جداً، ولا يتسع المقام للوقوف على تفاصيلها؛ لكن حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق، ومن السوار ما طوّق المعصم؛ مشيراً إلى أنه لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، الناس من آدم وآدم من تراب، وأن المعيار في التمايز والتفاضل هو التقوى.

وقال: "الكفاءة في الدين معتبرة بين كل الفقهاء؛ فلا تحل المسلمة لكافر؛ وهو شرط لصحة عقد النكاح؛ وذلك لقوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)؛ لافتاً إلى أن اعتبار الكفاءة في النسب مختلف فيه بين الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على أقوال عديدة، لكل قول أدلته ووجاهته؛ مشيراً إلى أن الإمام مالك لا يرى اعتبار تكافؤ النسب، والحنابلة في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد يرون أن الكفاءة في النسب شرط لصحة النكاح، وهي من مفردات المذهب الحنبلي.. والجمهور جعلوا الكفاءة حقاً للزوجة والأولياء في الأخذ به أو إسقاطه.

وتابع: "من أهم أدلة الفقهاء القائلين باعتبار تكافؤ النسب شرطاً: حديث: (لا تنكحوا النساء إلا من الأكفاء)، وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء"، وغيرها.. ويستدل من لا يرى اعتبار التكافؤ في النسب بحديث: (إذا جاءكم من ترضون دينه) السابق، وحديث: (أنكحوا أبا هند)، وتزويج زينب من زيد، وفاطمة بنت قيس من أسامة، وأخت عبدالرحمن بن عوف من بلال بن رباح، وغيرها".

وبيّن "الوذيناني" قائلاً: "ابن القيم -رحمه الله- يقول: لا يزال النكاح المتيقـن إلا بيقين مثله من كتاب أو سنة أو إجماع متيقـن؛ فإذا أوجدتمونا واحداً من هذه الثلاثة رفعنا حكم النكاح به".

واستطرد: يظن البعض أن الأحكام الصادرة بالتفريق بين الزوجين هي بسبب تكافؤ النسب؛ فالأمر ليس كذلك؛ وإنما التفريق قد يكون بسب تغرير وتدليس الزوج في بعض الأمور وتأثيره على ركن من أركان العقد وهو الرضا، ويكون تكافؤ النسب مصاحباً فالفسخ للتدليس والتغرير وليس بالضرورة لتكافؤها النسب.

وأكد "أن الفيصل في مثل هذه القضايا ليس لفتاوى المفتين -على قدر علمهم- وإنما لحكم القضاء؛ فحكم القاضي ملزم للزوجين، والفتوى غير ملزمة؛ مبيناً أن الأصل الشرعي أن القاضي لا يلتزم بمذهب معين؛ وإنما يحكم بما أراه الله، إذا توافرت فيه شروط الاجتهاد لقوله تعالى: ﴿إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله﴾.

ونوّه "الوذيناني" بأن القضاء هو المنوط بتقدير المصلحة في هذه القضايا، والموازنة بين المصالح والمفاسد، وكل قضية بحسبها؛ ويجتهد فيها القاضي وفقاً لما بين يديه، وما يملكه من أدوات اجتهادية، ومكنات استنباطية؛ وصولاً إلى معرفة الحكم الصحيح بغالب الظن الاجتهادي، الذي يحقق العدالة المنشودة التي هي ضالة القاضي؛ علماً بأن هناك ضمانات للعدالة تكفل حقوق المتقاضين من خلال درجات التقاضي المختلفة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org