تبقى وظيفة المعلم واحدة من أهم الأدوار صاحبة التأثير في المجتمع، حيث يلقى على عاتق المعلمين إخراج جيل من النشء يمكنه قيادة المجتمعات في المستقبل لتحقيق التنمية والتطوير والرفاهية للجميع، ولهذا فإن المعلمين في المملكة يدركون جيدًا أهمية التواصل مع الطلاب، ويبذلون في سبيل ذلك كل الجهد والوقت من أجل الحفاظ على التلاميذ وتربيتهم بالشكل التربوي الأفضل.
وخلال الفترة الماضية، حصد مجموعة من المعلمين اهتمامًا واسعًا في المجتمع السعودي بفضل مواقف إنسانية وتربوية مع الطلاب، استحوذت على إعجاب الجميع، وكان آخرها معلم انتشر له مقطع فيديو وهو يغرس في نفوس طلابه بالصف الأول الابتدائي قيمة العفو والتسامح تزامنًا مع نهاية العام الدراسي.
وقال المعلم لطلابه خلال الفيديو : ”أنا بغمض عيني وأنتم تأتون لأخذ حقكم مني.. أهم شيء كل واحد يأخذ حقه وما يكون زعلان مني، عشان أنتم الآن إذا رحتم صف ثاني ما تصيروا زعلانين".
كما أظهر الفيديو المعلم وهو يضع رأسه على المكتب مغمض العينين، ومد ذراعه للطلاب لأخذ حقهم منه بضربه على يده، في حين أبان الفيديو وقوف الطلاب وهم يضحكون وقام عددٌ منهم بضرب المعلم على يده ضربات خفيفة، فيما قبّل بعضهم الآخر يده.
وقبل أيام، لاقت مبادرة أحد المعلمين إشادة واسعة ، بعد أن نجح في إسعاد طلابه ونشر البهجة في نفوسهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم من خلال تجرِبة اجتماعية وتربوية ناجحة تم توثيقها عبر مقطع فيديو حظي بانتشار واسع في المملكة، فأخبر طلابه بأنه وضع صورة أفضل طالب لديه داخل الصندوق، ثمَّ طلب منهم الذَّهاب واحدًا تلو الآخر لرؤية صورة ذلك الطالب، حيث تفاجأ كُل طالب برؤية وجهه في المرآة التي وضعها المعلم داخل الصندوق، وهو الأمر الذي أثار في أنفسهم الكثير من الفرح والابتسامات التي ارتسمت على وجوههم بعد رؤية النتيجة.
وبعد تلك الفكرة التربوية، عرف كل الطلاب عند رؤية أنفسهم في المرآة أنَّ جميعهم متفوقون بما لديهم من قدرات متنوعة ومختلفة وتأكدوا أنّ الكل فائز .
وفي مشهد رائع يوضح العلاقة بين المعلم والطالب، وثّق مقطع فيديو سابق لقطات إنسانية تظهر علاقة تربوية عظيمة بين أستاذ وطلابه، وهو موقف حدث أثناء حفل تخرج مجموعة من الطلاب في إحدى المدارس، حيث كان الطلاب ينزلون من السلالم الخاصة بالمدرسة ولم يكن أحد الطلاب يرتدي غترة وعقال فاستوقفه المعلم وأعطاه غترته البيضاء وعقاله ليلبسه ليكون مثل بقية زملائه.
وأشاد الجميع بالفيديو الذي يدل على العلاقة الإنسانية بين المعلم والطالب حيث إنه ليس مجرد معلم يقدم مادة علمية فقط للطالب؛ إنما يقدم لهم قيم إنسانية وأخلاقية.
وقبل أشهر، تم تداول مقطع فيديو على نطاق واسع، بعدما نجح أحد المعلمين في إنقاذ تلميذ تعرّض لعملية اختناق داخل فصل دراسي، بوساطة قطعة بلاستيكية، حيث أجرى له إسعافًا أوليًا.
ووقعت الحادثة في مدرسة المناهج الأهلية بمنطقة الرياض، وتم تكريم المعلم عيسى بن أحمد نمازي، على حسن تصرفه، حيث ظهر في الفيديو الطلبة وهم يتلقون الدرس بالفصل، وفجأة تعرض أحد الطلبة بالمقاعد الأخيرة لحالة اختناق بعد ابتلاعه قطعة بلاستيكية، وعلى الفور أسرع نحوه معلم الفصل وأجرى له إسعافًا أوليًا، ونجح في إخراج القطعة البلاستيكية، فيما قام الطالب على الفور وأخذه المعلم لخارج الفصل متجهين إلى العيادة الطبية للاطمئنان على صحته.
وفي موقف بطولي وإنساني حدث سابقًا، أنقذ المعلم بندر الغنمي، الطالبة "شهد" من الموت أثناء خروجها من المدرسة في أبها، بعدما دهست عجلات سيارة نقل خاصة قدميها لتصرخ مستغيثة، وحينها قال "الغنمي" كنت أصطحب ابنتي إلى المدرسة العاشرة بمدينة أبها بمنطقة عسير، والتي تقع على أحد المنحدرات، وبعد نزول ابنتي للمدرسة، فجأة شاهدت إحدى الطالبات بالقرب من عجلات إحدى السيارات، ولم ينتبه قائد المركبة لوجودها بين العجلات، وكانت السيارة قد دهست قدمها، وهي تصرخ وتستغيث، فأسرعت بالنزول من سيارتي لإنقاذ الطالبة، وإيقاف قائد المركبة، ونبهته بوجود الطالبة، وتم إخراجها من بين العجلات، ونقلها للمستشفى".
وفي أثناء نزول "الغنمي" لإنقاذ الطالبة كانت سيارته في انحدار، ولم يؤمنها بالشكل اللازم، مما أدى إلى انزلاق سيارته على الطريق، وارتطامها في جدار جامع قريب وانقلابها، دون وجود أضرار بشرية، موضحًا "أحمد الله أن مكنني وألهمني حسن التصرف في إنقاذ الطالبة، ولو تأخرت لدقائق لخسرت الطالبة حياتها في حادث مأساوي".
أمّا المعلم حسن مجربي فضرب أروع الأمثلة في التضحية والإنسانية، بعدما تبرع بإحدى كليتيه لأحد طلابه بالمرحلة المتوسطة لإنقاذ حياته بعد سنوات قضاها يعاني بسبب الفشل الكلوي، لوجه الله تعالى، وذلك في لفتة إنسانية أثارت إعجاب الجميع، حيث أوضح أنه زار والد الطالب المصاب في منزله وعرض عليه التبرع بكليته إلا أنه طلب منه التريث وإعادة التفكير بالأمر.
وأضاف مجربي أنه عاد في المرة الثانية وأكد لوالد الطالب أنه عازم على التبرع، وأجرى الفحوص الطبية التي بدت متطابقة مع المريض وتكللت العملية بالنجاح، مشيرًا إلى أن سعادته لا توصف.
وقبل سنوات، أظهر مقطع فيديو موقفًا إنسانيًا نبيلاً لمعلم تجاه أحد طلابه في قاعة تأدية الاختبارات، حيث أظهر المقطع الذي وثقته كاميرات المراقبة داخل قاعة الاختبارات قيام المعلم بخلع معطفه "الجاكيت" وإعطائه لطالب كان يجلس غير مرتاح بسبب برودة الطقس حتى يشعر بالدفء ويستطيع الإجابة عن ورقة الامتحان.
ونال الفيديو استحسان مشاهديه الذين شكروا المعلم على رحمته ووعيه بدوره التربوي قبل التعليمي.
وفي موقف إنساني مؤثر، تلقى الطفل السعودي مفرح النجادي، الذي يدرس في المرحلة الابتدائية بمدرسة الرهوة التابعة لتعليم صبيا، معاملة إنسانية رفيعة من معلمه، بعدما اجتمعت في قلبه آلام الفراق وجروح الجسد، وذلك بعدما فقد والدته قبل شهرين إثر معاناتها المرض، وفي هذا الوقت لم يجد الطفل من يعتني به عقب وفاة والدته، فأصيب بجروح غائرة في أسفل قدمه، تلك الجروح التي لم يستطع تطييبها، فاضطر إلى السير حافي القدمين وسط برد الشتاء الذي لا يستطيع طفل تحمله.
ولم يشأ القدر أن يظل الطفل بمفرده يطارد حزنه لفراق والدته وألم جروح قدمه، فأرسل له أحد معلمي مدرسته والذي ضرب خير مثال في الإنسانية، حيث اشترى حقيبة إسعافية وأخذ يتردد على الطفل يوميًا لمدة أسبوعين من أجل مداواة جروحه، وذلك في لافتة إنسانية أثبتت أن دور المعلم لا يتمثل في جهوده مع طلابه في فصلهم الدراسي فحسب بل ويتعدى حدود المدرسة ويصل إلى كل مكان قد يحتاج إليه طلابهم المساعدة.