على غير ما يُعتقد بأن العلاقات السعودية الأميركية، تأسست في فبراير 1945، إبان القمة التاريخية بين الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، على ظهر البارجة كوينسي في منطقة البحيرات المرة بمصر، فإن العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية تأسست قبل هذا التوقيت بـ 12 عاماً، وتحديداً في عام 1933 بعد أقل من عام على إعلان تأسيس السعودية في 23 سبتمبر 1932، وبذلك فإن العلاقات الثنائية بين البلدين تكتسب عمقاً تاريخياً بارزاً يجعل منها علاقات متجذرة ومتينة.
وطوال عقودها التسعة، تمحورت العلاقات السعودية الأميركية حول المصالح المشتركة، وركزت على تعميق التعاون في مختلف المجالات، خصوصاً الأمن الإقليمي، والأمن والسلم الدوليين، والمحافظة على استقرار أسواق الطاقة، وانطلاقاً من هذه القواسم المشتركة واجه البلدان معاً التحديات، التي كانت تفرض نفسها ولا تزال على تلك القضايا المهمة، وحققا نجاحات لافتة في تحقيق مصالحهما المشتركة، وفي الوقت الراهن تواجه الرياض وواشنطن التحديات الأمنية الناجمة عن السياسات العدوانية لإيران، ومشروعها التوسعي للهيمنة على المنطقة، وتحللها من التزاماتها في الاتفاق النووي، واقترابها من امتلاك أسلحة نووية، ستخل بتوازنات ميزان القوى في المنطقة.
كما يملك البلدان رؤى واستعدادات مشتركة، لاحتواء الانعكاسات الثقيلة لعدم استقرار أسواق الطاقة على الاقتصاد العالمي، في ضوء تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وما نجم عنه من ارتفاع أسعار النفط، وقطع روسيا لإمدادات الغاز عن عدد من الدول الأوروبية، وأزمة الغذاء المحدقة بالعشرات من دول العالم، جراء عدم تمكن أوكرانيا من تصدير محصولها من القمح، لاسيما مع عدم تعافي الاقتصاد العالمي بَعْدُ من آثار جائحة كورونا، الأمر الذي يجعل من الارتقاء التعاون والتنسيق بين الرياض وواشنطن ضرورة ملحة للتغلب على هذه التحريات الراهنة.
وفي خضم هذه التحديات، تندرج الزيارة الرسمية المقررة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى المملكة يومي 15 و16 يوليو المقبل؛ لإجراء مباحثات معمقة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لإيجاد حل لهذه القضايا والتحديات، بما يجنب المنطقة تهديدات إيران المزعزعة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويخفف الضغوط التي يعاني منها الاقتصاد العالمي؛ نتيجة لعدم استقرار أسواق الطاقة، وتعرضها لهزات عنيفة تؤثر على معدلات التنمية في العشرات من دول العالم، وبالنظر إلى النتائج المتوقعة لهذه القمة السعودية الأميركية، فإن العالم ينتظر ما ستتمخض عنه من قرارات تعالج تحديات الطاقة العالمية والأمن الإقليمي.