تتطلب المراحل المفصلية في تاريخ الدول والشعوب، قرارات فعّالة وحاسمة للتجاوب مع التحديات التي تواجهها، وفي خضم المرحلة المفصلية الحالية، التي يواجهها اليمن، وتفرض على أبنائه التلاحم والتوحد لإنهاء الحرب، وإعادة الاستقرار والوئام إلى ربوع أراضيه، أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إعلاناً يتجاوب مع جسامة التحديات التي يواجهها اليمن حالياً، يتضمّن إنشاء مجلس قيادة رئاسي لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويضه تفويضاً لا رجعة فيه بكامل صلاحياته كرئيس وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ويهدف الإعلان إلى رغبة الرئيس اليمني في إشراك القيادات الفاعلة في إدارة الدولة في هذه المرحلة الانتقالية، والتأكيد على الالتزام بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدة أراضيه.
ولا شك أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي يرأسه رشاد محمد العليمي، والذي يضم في عضويته: سلطان علي العرادة، وطارق محمد صالح، وعبدالرحمن أبو زرعة، وعبدالله العليمي باوزير، وعثمان حسين مجلي، عيدروس قاسم الزبيدي، وفرج سالمين البحسني، لا شك أنه سيسهم في تكامل القوى العسكرية الفاعلة على الأرض، والقوى السياسية اليمنية الوطنية، وتوحيد صفوفها السياسية والعسكرية والاقتصادية؛ لإنهاء الأزمة اليمنية وتحقيق السلام، لاسيما أن المجلس يندرج ضمن نموذج القيادة الجماعية، الذي اختارته بعض الدول في مراحلها الانتقالية لتسيير دفة شؤونها، وقد أشار الرئيس اليمني إلى الصفة الجماعية للمجلس في النقطة "هـ" من المادة الأولى للإعلان بالقول: "يلتزم رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمبدأ المسؤولية الجماعية، وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق فيما بينهم"، فالقيادة جماعية، والمسؤولية جماعية أيضاً موزعة على أعضاء المجلس.
ويلبّي تشكيل مجلس القيادة الرئاسي تماماً متطلبات الأهداف التي أسس لتحقيقها، في ضوء الاختصاصات الممنوحة له؛ ومنها: إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية، واعتماد سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة، وبناءها على أسس الاستقلالية والمصالح المشتركة بما يحفظ سيادة الدولة وأمنها وحدودها، وتيسير ممارسة الحكومة لاختصاصاتها بكامل صلاحياتها طوال المرحلة الانتقالية، واعتماد السياسات اللازمة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية، وتشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار من خلال اعتماد السياسات التي من شأنها أن تمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في كافة أنحاء الجمهورية، والتفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمّن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام.
ولا تتوقف مزايا تأسيس مجلس القيادة الرئاسي عند تحقيق الأهداف المضمنة في صلاحياته فحسب، فسيؤدي المجلس أيضاً إلى تشكيل مكون سياسي قوي وموحد في مواجهة الحوثيين سياسياً وعسكرياً، في حال رفضهم إنهاء الأزمة اليمنية، والتوصل إلى حل سياسي لها، وليس أدل على التوقعات الإيجابية للنتائج التي سيحققها المجلس، من الترحيب العربي الواسع الذي حظي به المجلس، فقد رحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بإصدار الرئيس "هادي"، قرارًا بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وبنقل كافة صلاحياته له، كما رحب به الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف الحجرف، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، والبرلمان العربي، ورحبت به أيضاً إلى الآن السعودية، واستقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، كما رحبت به الكويت والبحرين والأردن.