كثرت تواريخنا وقلَّ تركيزنا!!

كثرت تواريخنا وقلَّ تركيزنا!!

مع تسارع الأيام، وتلاحق الليالي، بالكاد نركز في اليوم والتاريخ! كم مرة وجدنا أنفسنا نتلفت ونرفع القلم ونتساءل قبل أن ندون التاريخ المتأرجح في الذاكرة: كم تاريخ اليوم؟ وربما لا نجد إجابة ممن حولنا، وقد لا نفيق من غفلة التذكُّر إلا حين ننظر للجوال أو ساعة اليد، وقد يعقب الإجابة المتأخرة دهشة عميقة وتنهيدة خافتة وعبارات من جملة (يا سرع الدنيا)، (الأيام تطير).. أما الجملة الثانية فتجعل الخيال مجنحًا هو الآخر وأنت تتخيل جناحَي الأيام وهما يحلقان بالعمر معهما! (نسأل الله تعالى حُسن الخاتمة لجميع المسلمين(.

لكن لأنه قد تكاثرت وتوالدت تواريخنا مؤخرًا، وأصبح لكل تاريخ أهمية معينة، فقد قلَّ تركيزنا أكثر، وزاد تلفتنا لنبحث عن الصحيح منها والمنتظر! حاليًا نحن بين تقاويم وتواريخ تدير الرأس حتمًا: تاريخ الرؤية، تاريخ تقويم أم القرى، تاريخ صرف الرواتب، وتاريخ التقويم الميلادي!! والله يستر من التاريخ الصيني سيدخل علينا من أي باب؟!

والآن سننتظر بعيد أيام - بإذن الله تعالى - السجال السنوي الذي اعتدناه بين الفلكيين والعلماء حول دخول شهر رمضان المبارك، بين من يرى ضرورة الأخذ بالحساب الفلكي في دخول شهر رمضان، ومَن يرى عدم جوازه، خاصة أن الرؤية اختلفت عن التقويم!! وهكذا يصبح لنا تاريخ خاص بالمناسبات الدينية، وآخر بالتعاملات اليومية المحلية، وثالث بالتعاملات الدولية، إضافة لتاريخ صرف الراتب الذي تشرئب له الأعناق، وتنتظره الجيوب، والذي لا يستقر فيها طويلاً!

لكن يبقى الأكثر تأثيرًا بيننا نحن السعوديين ما ظهر في أفقنا من أبراج، كنا نخافها ونتعوذ من شر من يأخذ بها ويعتمد عليها من قبيل حظك هذا اليوم، وما هو برجك؟ الآن أصبح التندر ظاهرًا، وأخشى أن يعتادها الناس، وينجرفوا خلفها بحكم الاعتياد عليها، وكذا بحكم ارتباطها بالراتب! وقد تسمع حولك من يقول بها ولو على سبيل التندر لا التصديق كما أسلفت، فيربط حظوظه مع الراتب هذا الشهر بمميزات هذا البرج أو ذاك! لكن المؤكد أن الناس بعد لم يعتادوا عليها، وما زالوا يتساءلون عن مواعيد صرف الراتب القادم (أو هكذا يبدو لي)؛ لأننا كثيرًا ما نرى الرسائل التذكيرية بموعد صرف الراتب الجديد، كما نسمع التساؤلات الحائرة عن عدد الأيام المتبقية لحلول الراتب!! والمؤكد أيضًا أن الكثيرين يتمنون عودة صرف الرواتب بالأشهر القمرية كما السابق التي يعرفونها، وينتمون لها أكثر؛ وذلك حتى نقلل من تعداد التواريخ التي يجب أن نتبعها ونتابعها! وحتى يعرف الجميع بسهولة (كما كانوا سابقًا) عملياتهم المالية كافة، ومدى قُربها وبُعدها من التزاماتهم، خاصة المرتبطة بالبنوك وأقساطها والفواتير والإيجارات والجمعيات ومتطلبات الأسرة.. وعدوا معي الالتزامات المتتالية الآن (أعان الله الجميع)، بدءًا برمضان والأعياد وترفيه الإجازة الصيفية (إن وُجد)، والاستعداد للعام الدراسي الجديد.. والله المستعان.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org