أكد الباحث الاقتصادي والإعلامي عبد الرحمن بن أحمد الجبيري ، أن ترشيد الاستهلاك يعتمد على المعرفة والتجارب الحياتية وكلما كان هناك وعي في الاستهلاك زاد رشد المستهلك ، مؤكدًا على أهمية توازن الاستهلاك لتحقيق عائد ادخاري ؛ حيث قدم "الجبيري" 7 خطوات للتحكم والتوازن بين الراتب والدخل والإستهلاك.
وتفصيلاً، قال "الجبيري": "نسمع دائمًا مقولة (أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) ؛ حيث أن الثقافة الاستهلاكية في حد ذاتها سلوك وليس أسلوبًا ، فإقتصاديا كلما ارتفع الدخل ارتفع الإنفاق والمستهلك الرشيد القائم على الرشد Rationality ، أيقونة لاتزال غير نشطة فهل حان الوقت لتنشيطها.
وأضاف لـ"سبق": "حاجات المستهلك منذ ولادته وحتى وفاته متعددة ومتجددة ومتنوعة وفقًا للمراحل العمرية والجنس هذه حقيقة ، وعند توقف الإنفاق في فترة ما ، فهذا لا يعني أنه وصل إلى حد الإشباع ؛ بل في الغالب لانتهاء الدخل ؛ لذلك نلاحظ ارتفاع القوة الشرائية في بداية الشهر ثم تبدأ بالانخفاض عند نهايته".
ولفت "الجبيري" إلى أن آلية الادخار قد تكون مغيبة في معظم حياة الأفراد الاقتصادية وإدارة الدخل وتوجيهه نحو المثالية هي الأخرى غائبة والحقيقة أن السلوك الاستهلاكي لم يعد يفرق بين الضروريات والكماليات فأصبحت الكماليات من السلع الضرورية والعكس صحيح ، ومع انتشار وسائل الإعلام الحديثة أصبحت أيضًا الخطط والبرامج الترويجية والتسويقية علماً بذاته يؤثر بشكل كبير في اتجاهات الاستهلاك ، وأصبحت العامل الأقوى في القوة الشرائية للفرد ، وهذا يتطلب إعادة التفكير في جميع الخطط الشرائية للمستهلك قبل الانجراف نحوها على شكل غير مدروس.
وتابع: "الادخار مهم، وببساطة يمكن لأي دخل مهما كان منخفضًا أو مرتفعًا أن يوجه ما نسبته من 5 الى 10 % نحو الادخار ، وعلينا أن نتذكر دائمًا بأنه كلما ارتفع الدخل زاد الإنفاق والعكس صحيح ، أي أن من راتبه 30 ألف ريال كمن راتبه 10 آلاف ريال مع وجود فارق في نوعية السلع والخدمات ؛ إلا أن الإنفاق إنفاق.
وأوضح: "في المقابل لا بد لنا أيضًا أن ندرك أن هناك فرقا بين مصطلحي الرفاهية والبذخ ، فالرفاهية تعني الحصول على كافة السلع الضرورية والخدمات الأخرى الهامة مثل التعليم والصحة والنقل ونسب مجانية من برامج الترفيه وفقًا لميول ورغبات الأفراد المتنوعة ، أما البذخ فيعني الاتجاه التام نحو الكماليات وتجديدها بشكلٍ مستمر والاهتمام بالسلع ذات التكلفة العالية مثل شراء التحف والمقتنيات ، وتغيير السيارات كل عام ، ومظاهر الأفراح المبالغ بها ، والسفر بالدرجة الأولى أو الطيران الخاص ، والسكن بفنادق الخمس نجوم وغيرها من المظاهر التفاخرية التي تكتظ بها منشورات شبكات التواصل الاجتماعي".
وبين: "لذلك يتحتم على المستهلك المزيد من الوعي ، كالمقارنة المنطقية بين منفعة الريال الذي يدفعه في شراء السلعة ومنفعة السلعة التي سيشتريها" ؛ حيث نصح "الجبيري" المستهلكين باتباع خطوات مثلى في الاستهلاك وهي :
أولا: "تحديد الدخل الدائم والذي يختلف تمامًا عن الدخل الجاري والمتغير ؛ حيث أن الأخير تحكمه جوانب غير متوقعة الحدوث ، وإن حدث فعلى المستهلك توجيهه مهما كان قليلاً أو كثيرًا نحو الادخار".
ثانيًا: "عدم اللجوء الى القروض الاستهلاكية تحت أي ظرف لأنه في حالات القرض الاستهلاكي يعني أن المستهلك سيسحب من استهلاكه المستقبلي لإنفاقه في استهلاكه الحالي ومن هنا كان لزامًا عليه أن يحافظ على استهلاكه غداً عند مستواه الحالي وإلا سيضطر إلى تسديد القرض بقرضٍ أكبر وهكذا".
ثالثًاً: "وضع ميزانية أسرية شهرية تمثل الدخل الثابت مقابل المصروفات مع العمل على أن لا تزيد مصروفاتك عن الدخل الثابت وعدم النظر إلى الدخل المتوقع مستقبلاً".
رابعًا: "ضع أولويات للمصروفات الشهرية وتأجيل ما ليس مهماً ، فقد يكون في الغد ما ليس مهمًا ، ليس مهمًا على الإطلاق".
خامساً: "ضع خطة لقائمة السلع والخدمات من حيث الضروريات والكماليات ، فالكماليات بالإمكان أن تتنازع رغباتك الاستهلاكية نحوها حاليًا ولكنها ستتضاءل حتمًا في المستقبل وفقًا للمتغيرات السوقية وفعالية بعض السلع وكفاءتها فتكون بذلك قد وفرت قيمة سلعة كمالية لن تندم على شرائها فيما مضى".
سادساً: "للمستهلك دور كبير في ارتفاع وانخفاض الأسعار فكلما زاد طلبك نحو سلعة ما ارتفعت في المقابل أسعارها والعكس صحيح ، وهنا يبرز الدور الفاعل للمستهلك في خلق استقرار للأسعار إضافة الى بقية العوامل التي تسهم في ذلك مثل الرقابة الحكومية على الأسعار وحمايته من الغش وبرامجها للحد من نسب ارتفاع التضخم".
سابعًا: "توجيه المدخرات للاستثمار وخلق فرص جديدة لرفع المداخيل الغير دائمة من خلال التوجه الاستثماري المتنوع والمتاح في السوق وبمخاطر اقل عن طريق دراسة المشاريع الاستثمارية التي تعود بالارباح على المدى القصير والطويل والبحث عن فرص جديدة نظامية لرفع المداخيل".
وأنهى "الجبيري" حديثه لـ"سبق" ، بضرورة توجيه العديد من البرامج الإرشادية من خلال وسائل الإعلام وغيرها تشتمل على محاور تهم المستهلكين وحاجاتهم مباشرةً ، وتوفير معلومات شاملة عن السلع وامتيازاتها ومواصفاتها وفق حلول مرضية ومتوازنة وتقييم مستمر لكفاءات السلع والخدمات وجودتها مقارنةً بأسعارها ، وتوفير بدائل لها ومعرفة فلسفة وسياسة تسويق السلع والخدمات والترويج لها والطرق التي تمكن المستهلك من التغلب على مشكلة الشراء العاطفي والتمييز بين السلع الجيدة والرديئة وطرق المفاضلة ، وعدم التأثر بمكان البيع ، وطرق العرض ، والمواد الإعلانية ، وكيفية تحليل المعلومات المتاحة بالسلع المعروضة للبيع.