كانت السعودية دائمًا وأبدًا سندًا وداعمًا للدول العربية والإسلامية الشقيقة، ومن هذا المنطلق تظل ولا تزال أول الداعمين لجمهورية مصر العربية في محنها عبر السنوات؛ اعتزازًا وتقديرًا لمكانتها لدى بلاد الحرمين الشريفين.
ويخبرنا التاريخ بعددٍ لا يُحصى من المواقف السعودية التاريخية المشرفة في دعم أرض الكنانة، وكان آخرها تقديمها وديعة بقيمة 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري قبل نحو 3 شهور؛ دعمًا للاقتصاد المصري.
وقال البيان السعودي الذي نشرته وكالة الأنباء "واس" وقتذاك إن الوديعة تأتي "امتدادًا للروابط التاريخية الراسخة وأواصر التعاون الوثيقة التي تجمع بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقة، وتأكيدًا لعمق العلاقات المتجذرة بين البلدين والشعبين الشقيقين".
وأشار البيان إلى أن ذلك يأتي استمرارًا من السعودية، ضمن الجهود الحثيثة ودورها الريادي الدائم، في دعم جمهورية مصر العربية الشقيقة.
تُعد تلك الوديعة أحد أشكال الدعم الحيوي الذي تقدمه السعودية للاقتصادي المصري؛ لتوفير الهدوء للسوق النقدي المصري، حيث قالت عاليا المهدي، أستاذة الاقتصاد، في تصريحات صحفية سابقة: إن الوديعة ستوفر نوعًا من الهدوء والاستقرار لسوق النقد الأجنبي في مصر، وذلك بسبب خروج أموال ساخنة كثيرة من مصر في الآونة الأخيرة.
فيما أوضح الخبير الاقتصادي محمد عبد العال في تصريح سابق لموقع "مصراوي" أن الوديعة السعودية الجديدة لمصر تُسهم أيضًا في تنشيط الاستثمار المباشر وغير المباشر، وتقليص أي نقص في العملات؛ بسبب التبعات السلبية العالمية للحرب الروسية الأوكرانية، وانعكاساتها المتوقعة بتفاقم العجز في الميزان التجاري.
وأضاف أن هذه الوديعة ستُساعد بدرجة كبيرة في تخفيف الضغوط والتوترات بعد اشتعال أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كما توقع الخبير أنها ستُسهم في دعم السيولة الأجنبية في مصر على نحو سريع، وتدعم مفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، ويضمن استقرار سعر صرف الجنيه المصري في الفترة المقبلة.
لم تكن الوديعة السعودية الأخيرة بـ5 مليارات إلا استمرارًا للدعم السعودي للاقتصاد المصري، فقد كانت المملكة من الدول الرئيسة التي دعمت الاحتياطيات الأجنبية لمصر أثناء جائحة كورونا، وما خلفته من أزمات اقتصادية كبرى عالميًا، إذ قدمت وديعة بقيمة 3 مليارات دولار البنك المركزي المصري في أواخر العام الماضي، إضافة إلى تمديد الودائع السابقة بمبلغ 2.5 مليار دولار.
كما تُسهم المملكة في تعزيز جهود مصر التنموية من خلال الدعم الذي تقدمه عبر الصندوق السعودي للتنمية، حيث بلغت قمة مساهمات الصندوق 8846.61 مليون ريال لـ 32 مشروعًا في قطاعات حيوية لتطويرها وتمويلها، شملت إنشاء طرق، وتوسعة محطات الكهرباء، وتحلية ومعالجة المياه، وإنشاء مستشفيات وتجمعات سكنية في مصر.
وتترجم أشكال الدعم السعودي المتنوع جهود المملكة الحثيثة، ودورها الريادي في دعم الأشقاء في أزماتهم ومحنهم، وتخفيف وطأة الأزمات والتوترات العالمية على ميزانيتهم واقتصادهم؛ تعزيزًا لعلاقات المودة والأخوة التي تربطها بجمهورية مصر العربية.