كيف سنواجه تصعيد المجهولين؟!
- في عام 2012 كتبتُ مقالاً بعنوان (لماذا التقاعس في مواجهة المجهولين)، ذكرتُ خلاله الخطر المحدق الذي يسببه بقاء تلك العصابات المارقة من مجهولي الهوية، التي تتمركز في بعض الأودية والشعاب، وتحديدًا في الكثير من القرى والمراكز التابعة للمنطقة الجنوبية. ومنذ ذلك الحين حتى اليوم وقعت العديد من المداهمات؛ وقُبض على الكثيرين منهم، ولكن الوضع بعد ذلك يبقى كما هو بين (مد وجزر)، وحملات موسمية، تبدأ قوية ثم ما تلبث أن تنتهي دون اجتثاث لهؤلاء المجرمين نهائيًّا وعن بكرة أبيهم.
- الجديد والمؤسف حاليًا هو أن هؤلاء المجهولين من الجاليات الإفريقية، وتحديدًا من الجنسية (الإثيوبية)، يبدو أنهم قد استمرؤوا هذا التمرد وهذا العصيان، وبدؤوا يجنحون إلى عمل العصابات، ولم يعد نشاطهم يتوقف على تصنيع المخدرات والمسكرات وبيعها عيانًا بيانًا على بعض من ابتُلي بها من شبابنا - هداهم وعافاهم الله - بل بات هؤلاء الجناة يشكلون تهديدًا كبيرًا وخطرًا محدقًا من خلال (الجرأة) على مواجهة رجال الأمن، وهو ما ينبغي التنبه له، وكسر شوكته فورًا وقبل فوات الأوان.. وقد ظهر ذلك من خلال مؤشرات قريبة عدة:
# أول هذه المؤشرات هو امتلاكهم السلاح بأنواعه، وبكثرة، ونقله من موقع إلى موقع. والأمر الآخر هو التحدي، وإظهار القوة والمقاومة، بل حتى العبث والتخريب، وهو أمر لم يكونوا يجرؤون عليه من قبل. وسأستشهد هنا بآخر الدلائل على ذلك: فقبل شهر تقريبًا قامت مجموعة منهم بإشعال النيران في إحدى قرى مركز بني عمرو التابعة لمنطقة عسير ردًّا على مداهمة أمنية تعرضوا لها. وقد واجه بعد ذلك رجال الدفاع المدني صعوبة بالغة جدًّا قبل إطفاء ألسنة اللهب التي انتشرت على مساحات شاسعة بحكم وجود الغابات الكثيفة بالمنطقة.
# التحدي الأكبر والأقوى، الذي أماط اللثام عن مخططات هؤلاء المتمردين، ظهر خلال الأسبوع الماضي من خلال مقاومة رجال الأمن بالأسلحة، وهو ما أدى - وتحديدًا يوم الخميس، الموافق 17 صفر - إلى استشهاد رجل الأمن علي بن ظافر الشهري أثناء مداهمة وكر لترويج المسكرات والمخدرات في إحدى قرى بللحمر؛ ليكون ذلك بمنزلة جرس إنذار ونقطة تحوُّل في طبيعة المواجهة المقبلة مع هؤلاء المجرمين خلال الفترة القادمة، التي تتجه للتصعيد من قِبلهم.
# لا أود أن تكون نظرتي هنا تشاؤمية، ولكن أخشى إن لم يؤخذ الموضوع بجدية أكبر أن يكون محفزًا ومشجعًا لاستمرار التجاوز السافر، والتمادي أكثر وأكثر على رجال الأمن.. ونجد أنفسنا أمام جبهة ثالثة – لا قدر الله - تضاف لجبهة الحوثيين والمخلوع الخارجية، وجبهة الداخل من خلال داعش وإرهابيي العوامية. وكمثال بسيط: فقد سجَّل إرهابيو العوامية ليلة السبت الماضية الضحية رقم ٢٠ من رجال الأمن من خلال الجندي الشهيد عادل خردلي؛ لذلك ليس هناك من بد من الضرب بيد من حديد على هؤلاء المجهولين، والقيام بحملات قوية جدًّا لطردهم، وإيقاف شرورهم وعبثهم.