عندما تدخل اليوم عبارة "لأول مرة في المملكة" في محرك البحث "جوجل"؛ فإن النتائج التي تظهر لك في معظمها يتعلق بالفن والترفيه؛ فلأول مرة أقيمت عروض ايلومينيت البصرية العالمية في جدة والرياض، ولأول مرة يقام عرض "السيارات المتوحشة" في أستاد الملك فهد بالرياض؛ إذ تقوم تلك السيارات الضخمة بتدمير عدد كبير من السيارات الصغيرة، ولأول مرة على مستوى المملكة تعلن الهيئة العامة للترفيه عن دعمها لفعالية تحدي بطل العالم في الكيك بوكسنج بإحدى صالات جامعة الملك سعود بالرياض، أما في جدة فلأول مرة يعقد مهرجان كوميك كون في المملكة في فبراير الماضي، كما قدمت في أواخر العام الماضي ولأول مرة عروض "غوت تالنت".
أما على الصعيد الفني فقد عادت الحفلات الغنائية لأول مرة بعد توقف دام أكثر من ثلاثين عامًا، كما وقف بعض الفنانين السعوديين ولأول مرة أمام جمهورهم في حفلٍ عام في كلٍّ من: جدة، والرياض، كما تم في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ولأول مرة تنظيم حفل موسيقي للموسيقار "عمر خيرت"، نفدت جميع تذاكره ولقي إقبالاً كبيراً بالرغم من ارتفاع أسعار تلك التذاكر، وذلك في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، كما قدمت الأوركسترا اليابانية مؤخراً ولأول مرة في المملكة، بل في الشرق الأوسط؛ أول حفل موسيقي من نوعه حظي بإقبال كبير وفاضت به جوانب مركز الملك فهد بالرياض.
هذه بعض النماذج الحديثة التي قد نجدها كنتائج للبحث عما يحدث لدينا "لأول مرة"، ومثل هذه النتائج إن دلت على شيء فإنما تدل على أننا فعلاً نسير في برنامج للتحول بدأت معالمه في الظهور بشكل متسارع لم يتهيأ له المجتمع، ولئن كانت تلك المعالم أسرعَ في الظهور في المجالات الاجتماعية والترفيهية منها في الجوانب الاقتصادية، فإن المجتمع لا يزال ينتظر ويتطلع لأن تظهر هناك دلائل ومؤشرات للتحول "لأول مرة" في جوانب أخرى أكثر أهمية؛ كالتعليم والصحة والعمل ومستوى الخدمات العامة التي تقدم للجمهور ونوعيتها ومستوى الإنجاز الذي يتم تحقيقه للمشاريع الجديدة وعدم تعثرها.
أنا على ثقة من أن مؤشرات "التحول" الأخرى قادمة وستتواصل في كافة المجالات وليس في الجانب الاجتماعي أو الترفيهي فقط، وخصوصًا مع إطلاق برنامج "التوازن المالي" وعلى مشارف تفعيل برنامج "حساب المواطن"، الذي يفترض أن يحمي المجتمع من الأثر المباشر وغير المباشر من الإصلاحات الاقتصادية المختلفة؛ مما يعني أننا سنرى العديد من المؤشرات الجديدة القادمة التي بدأت بإقرار الضريبة المضافة على بعض المنتجات، وهذا يتطلب تهيئة المجتمع بشكل نفسي وشامل لتقبل تلك التغييرات التي ستحدث لدينا "لأول مرة" أيضًا.