ليس لدي معلومات جازمة وموثقه حول هذا الخصوص، ولكن السعودية ربما قد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تشدد على تأشيرات الزيارة لذوي المقيمين فوق أراضيها. لدي قصة حقيقية عايشتها تضاف إلى قائمة من القصص الإنسانية القاسية التي تحدث على أرضنا فيما يخص التأشيرات: صديق أردني ولد في السعودية وعاش فيها 30 سنة مع والده الذي عاش فيها خمسين سنة، وعندما مرض والده مرضا شديدا لم يستطع صديقي هذا أن يحضر شقيقته لزيارة والدها، بذل كل المحاولات ليحصل على إذن لتزور شقيقته والدها وهو على فراش الموت دون جدوى وأبلغه بعض الأحبة لو أن أختك عمرها فوق الأربعين لكان الوضع أسهل، أليس هذا أمرا قاسيا ومؤلما جداً. لأ اعلم لماذا هذا التشديد الصارم والعنيف في موضوع منح التأشيرات. وهل يمكن إعادة النظر فيها ضمن مرحلة التحول الوطني المنشود. نحتاج إلى مشروع لـ "أنسنة" القوانين والخروج من الظنون التي تشيطن الآخريين. ما يحدث أن عدم منح التأشيرات يأتي تحت مظلة ذرائع محرجة لنا للغاية وتعكس أحيانا للعالم أننا نبني حياتنا على الظنون فقط التي تجعل أي امرأه أقل من أربعين عاما شيئا مثيرا جنسيا ومهددا لكل الرجال ونتوقع أنها ربما تكون عاهرة، هل فعلا أن القائمين على تنظيم تأشيرت الدخول إلى المملكة يخشون من الزائرات إلى المملكة أن يمارسن الدعارة!
من الإنسانيات التي يحثنا عليها ديننا الحنيف بر الوالدين وصله الرحم والترابط الاجتماعي فكيف ونحن مسلمون نمثل الدين الصحيح أن نتعامل بهذه الشدة المفرطة مع التأشيرات على افتراض ما سيكون، لماذا لا نضع نظاما واضح المعالم لـثمانية ملايين مقيم فوق أراضينا، يستطيعون إحضار أقاربهم وذويهم لزيارتهم، وهو أمر حيوي لخزينة الدولة أيضا عندما تفرض رسم 1000 ريال على سبيل المثال على كل تأشيرة، وفي حالة التمديد يتم دفع رسوم أخرى ضمن تصور مالي متصاعد.
نحن نتمتع ولله الحمد بأمن داخلي قوي، وهناك هيبة للأمن، لماذا لا نشرع التأشيرات مع المحاسبة، ومن يخطئ يحاسب فورا بغض النظر عن كونه مقيما أو زائرا ولكن يجب ألا نحرم الجميع على افتراض أن إحداهن ربما ستمارس الدعارة. مثل هذه القوانين في حال أنسنتها سوف تحيي الحياة الاجتماعية، وتشجع المناخ الاستثماري، وتضخ أموالا هائلة في القطاع الفندقي والاستهلاكي. لذك فهو مشروع يحث ويشجع عليه الإسلام بالإضافة إلى كونه محركا اقتصاديا.
اللطيف، أن معظم الزائرين إلى المملكة يأتون إلى السعودية بتأشيرة عمرة رغم عدم وجود نوايا للعمرة، ولكنهم لا يستطيعون الذهاب إلى أبها، أو الشرقية أو الرياض، فقط مكة وجدة والمدينة.
علينا أن ندرك أن جزءا من نهضتنا وتصالحنا الإنساني مع العالم سيكون من خلال التصالح مع الآخرين وفتح الباب للزائرين ونمنحهم الحق الأصيل لهم في زيارة أحبتهم وعائلاتهم بل وفي زيارة بلدنا أيضا لنؤسس انطباعات رائعة سيتحدثون عنها عندما يعودون إلى أوطانهم.