عجيبٌ هو مسلك الولايات المتحدة الأمريكية في انتقادها الأوضاع الدينية في عدد من البلدان العربية والإسلامية, ومن ضمنها المملكة العربية السعودية والبحرين وتركيا, كما جاء في آخر نسخة من تقرير الحريات الدينية لعام 2016, الذي تصدره "الخارجية" الأمريكية.
بداية, وبمثل هذه التقارير، فإن الولايات المتحدة منحت لذاتها المتضخمة صكوكاً كصكوك الغفران التي شاعت في العصور الوسطى, فهي تهب الاعتدال لمَن تريد وتنزعه عمَّن تريد, وتعطي الدرجات العليا في السماح الديني لمَن تشاء وتمنعه كذلك عمّن تشاء!
وثانياً, فإن الولايات المتحدة, بهذه التقارير, تعطي لنفسها حق التدخل في شؤون الغير, والحكم على الأوضاع الداخلية في دول ذات استقلال وسيادة, وهي في ذلك تخالف القوانين والمواثيق الدولية كافة التي تحظر أيّ نوع من أنواع التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وثالثاً, فإن الولايات المتحدة, بمثل هذه التقارير العرجاء, تحاول أن تظهر بثوب القديس ناصع البياض, الذي لا يُظلم عنده أحدٌ, وأنها في قمة التسامح والانسجام مع كل الأديان على أراضيها, ولحرصها على هذا التسامح والانسجام تهتم بشؤون الأقليات الدينية في الدول الأخرى!!
أليست هذه هي الولايات المتحدة التي أصدرت، قبل أشهر قليلة، قرارات وقوانين تحظر سفر رعايا بعض الدول العربية والإسلامية إلى أراضيها, دون غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى الذين يلقون مزيداً من العناية والاهتمام, ولاسيما اليهود؟!
أليست هذه هي الولايات المتحدة التي تزداد فيها كل يوم أعمال العداء والعنف ضدّ المسلمين, ولا تحرك ساكناً؛ بل نجد بعض ساستها الكبار يحرّضون على المسلمين في وضح النهار وعلى شاشات الفضائيات وفي صروح المؤسسات الأمريكية الكبرى؟!
أليست هذه هي الولايات المتحدة التي تغض الطرف عن كل الجرائم الدينية والعرقية التي ترتكب بحق المسلمين في بورما وغيرها من البلاد, وهي مَن أعطى ودعم الحشد الشيعي في العراق لمحاربة المسلمين السنة والتنكيل بهم؟!
إن خزانة الأسرار فيها الكثير أيها الأمريكان.. ومثلنا العربي يقول "مَن كان بيته من زجاج فلا يقذف الآخرين بالحجارة".
فلا حاجة لنا بصكوك غفرانكم.. وانظروا إلى أفنيتكم فنظفوها من الاضطهاد والتمييز ضد المسلمين قبل أن تلتفتوا الينا وتحدثونا عن الحريات الدينية!