مَنْ مثلك يا ليلى!؟؟

مَنْ مثلك يا ليلى!؟؟
تم النشر في

أنقل لكم اليوم سيرة إنسانة عظيمة، ورحلة طويلة، امتدت لعقود من الزمن، عجت بالكثير من التضحيات التي قدمتها هذه المرأة بكل حب وعطاء ثر لا ينقطع، وبجهد وافر يعجز عنه الأشداء من الرجال، وفي زمن ضاع فيه الوفاء.

إنها الأم والأب والأخ والأخت لكل من تعرف ومن لا تعرف، يدها دائمًا ممدودة للجميع، لا تكل ولا تمل، هي صاحبة الفضل - بعد الله - على جيل كامل من الأبناء والبنات، كلهم تخرجوا وعملوا بتوفيق من الله ثم رعاية منها؛ كانت لهم الأم والمعين والمرافق والمطبب خلال مسيرتهم العلمية والعملية.

منتهى التضحية والإيثار، ونكران الذات، أن يضحي إنسان بنفسه من أجل بناء جيل بكامله، وإرضاء لوالديه. وأرجو أن لا يظن البعض أنني أروي لكم قصة تخيلتها أو فكرة قصة لم تر النور.. صدقوني، أنا أتحدث عن قصة واقعية لإنسانة تعيش بيننا، وما زالت - رغم ظروف السن وما يصاحب ذلك من مشاكل صحية - بطلتنا تعطي وتتلمس حاجات كل من تعرف، وتصل القريب والبعيد، وما زالت رمز الكرم والتضحية في كل ما تقوم به من عطاءات تجاه الآخرين.. إن طلبتَ الطعام أكرمتك بكل رحابة صدر، وإن مرضتَ واستك، وإن سئمتَ سرت عنك، وتؤدي كل ذلك بقناعة ورضا لا يمكن أن يصدر إلا عن نفس كبيرة، وقلب أكبر.

وقصتها مع البر بوالديها تخلد في تاريخ النبلاء، وتُكتب بماء الذهب؛ فقد برت بوالدها حتى وافاه الأجل، وما زالت تبر بأمها، وترعاها بعد تقدُّم السن بها بنفسها، رافضة أي مساعدة أو استقدام من يساعدها في ذلك محتسبة الأجر من الله سبحانه وتعالى. وهي تؤدي كل ذلك بنفس راضية، ولا تفارقها البسمة، وكيف لا وقد أرضت من قضى الله بأن لا يعبد سواه وبالوالدين إحسانًا.

كم أشعر بالفخر وأنا أتحدث عن هذه الإنسانة النادرة في هذا الزمن الذي أصبح يندر فيه كل شيء جميل، وطغى فيه الجحود على الوفاء.. تُرى، كيف استطاعت هذه المرأة أن تتحمل هذا الكم من المسؤوليات، وأن تتمتع بهذا القدر من التسامح حتى مع من يسيء لها علنًا، وهم كُثر، ولكنها تؤمن وتعرف تمامًا أنها ستكسب الجولة، وسيعود كل مسيء معترفًا بخطئه؛ لأنها على حق، ولا أزكي أحدًا على الله.

طبعًا لا بد أن أتوقف، وإلا فهناك الكثير مما أحمله في جعبتي عن ليلى، هذا النبع الذي لا ينضب من الحب والحنان والإيثار.. وكم أجد من متعة وأنا أسرد قصتها مع الزمن ومع الناس، فكم تعلمت منها كيف أحوِّل اليأس إلى طموح، وكيف نتعامل مع الحياة بما تستحق، وبدون تكلف أو مبالغة قد تفقدنا الكثير مما يجب أن ننجزه، وكيف نستطيع أن نبقى على مسافة واحدة من الجميع؛ فنشعر بأننا نمارس العدل بمعناه الحقيقي.. فالله درك يا ليلى؛ كم جعلتِنا نشعر بضآلة حجمنا أمام ضخامة منجزك، وكم يلزمنا من الوقت لكي نحاول أن ننجز شيئًا لرد الجميل لنفس جميلة وقلب طاهر، مملوء بالحب والحنان والرحمة.. حقًّا إنها أجمل سيرة يمكن أن يسطرها قلم؛ لتكون نبراسًا لكل من أراد أن يكون صادقًا مع الله قبل كل شيء، ومع نفسه والآخرين.

أمد الله في عمرك يا ليلى بالعمل الصالح، وجعل ما قدمتِه في ميزان حسناتك، وستظلين - بإذن الله - رمزًا للحب والعطاء المتدفق، وصورة ناصعة للبذل والتضحية بدون مقابل رغبة في إسعاد الآخرين.. فهنيئًا لكِ بما أنجزتِ، ونحمد الله أن وهبنا من هو مثلك.. فمَنْ مثلك؟؟..

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org