ما وراء النفط.. سيادة ترليونية

ما وراء النفط.. سيادة ترليونية
تم النشر في

منذ الإعلان عن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والعمل جارٍ على قدم وساق لإيجاد أفضل الحلول الشاملة وخلق أرضيات متنوعة لمستقبل الاقتصاد والتنمية في وطننا الغالي، وتأمين مستقبله في عالم مليء بالمتغيرات والتقلبات التي تجعل من الاعتماد الكلي على مصدر واحد مثل النفط مصدر قلق دائم؛ في ظل عدم استقرار أسعار النفط، وسعي العالم لإيجاد بدائل أخرى للطاقة من جهة والأحداث المستنزفة للأموال من جهة أخرى.

إن الدخول في عالم الاستثمارات يحتاج إلى قاعدة صلبة تكون أساساً للانطلاق وضماناً لإثبات الوجود أمام كيانات عالمية ضخمة، لا تعترف إلا بالأرقام الكبيرة والأصول الضخمة التي بإمكانها منافسة مثيلاتها بجدارة واستحقاق.

ما أعلن عنه سمو ولي ولي العهد من إنشاء الصندوق السيادي السعودي بأصول تتجاوز حاجز الترليوني دولار؛ أمر يعكس تطلعات سموه الاستثنائية للأمن الاقتصادي وتأمين الدخل لمرحلة ما بعد النفط، الذي أصبح بتقلباته نقطة ضعف في ظل فقدان مصادر أخرى متنوعة.

إن نجاحنا في إنشاء هذا الصندوق السيادي التريليوني، يجعلنا نقف إلى جانب الكيانات الكبرى التي نمت وتطورت وتمكنت في عالم الاستثمارات والأعمال في زمن العولمة الاقتصادية التي لا تعترف بالضعفاء؛ إذ تُمَكّننا من الاستحواذ على شركات عالمية ومشاريع ضخمة تُدِرّ المليارات من الدولارات على قاعدتنا الاقتصادية، وتعود علينا بالرسوخ والثبات الاقتصادي الذي هو أساس التنمية والتطور؛ في حين يبقى النفط مسانداً لتلك الأصول في تسيير عجلة التقدم كمصدر مغذٍّ للصندوق السيادي والاحتياطات الوطنية.

إن رؤية سمو ولي ولي العهد الاقتصادية تمثل كل أفراد الشعب المتطلع إلى رسوخ اقتصادي يُبقيه في عالم الأقوياء، ويحقق له التنمية، ويؤمّن له المستقبل الاقتصادي على أسس وقواعد صلبة بعون الله، ولا يمكن ذلك إلا بإخضاع النفط لمصالحنا الاقتصادية والسياسية والتنموية، لا الخضوع له والتسليم لتقلباته المفاجئة؛ فقد ولى زمن استهلاك النفط كمصدر دخل مباشر، وجاء زمن التحول الوطني الذي يعمل على جعل النفط مصدراً مسانداً لمصادر متنوعة للدخل.

بالنظر إلى تجارب دول العالم الصناعية والنامية، نجد أن تَصَدّرها الاقتصادي وأداءها القوي لم يكن بسبب الاعتماد على النفط؛ بل على الصناعة والاستثمارات في الأسواق العالمية؛ بينما كانت الدول المعتمدة على النفط كلياً عُرضة للأزمات الاقتصادية؛ مثل فنزويلا التي تأثرت من انخفاض أسعار النفط جذرياً، ودول الخليج التي واجهت عجزاً في الميزانية جزئياً.

ومن جهة أخرى؛ فإن الأصول والاستثمارات الضخمة المؤثرة جذرياً في الأسواق العالمية تكون سبباً في حماية المصالح العليا للدولة، وتعطي قفزة معنوية على الصعيد السياسي والعلاقات بين الدول وخدمة القضايا التي تهم الدولة محلياً وعالمياً.

إننا نعيش حالة استنفار استثنائية نتطلع فيها إلى ما يُطرح من مبادرات وخطوات مصيرية يجب علينا قبولها والعمل عليها والتكيف معها كواقع لا بد من الخوض فيه وتحمل صعابه؛ لما فيه صلاح مستقبلنا وأمننا الاقتصادي؛ متيقنين أن الثروة النفطية وما لها وما عليها أمر لا يمكن الاعتماد عليه كلياً، وأن التحول الوطني الاقتصادي يحتاج إلى صبر وكفاح؛ وإن كان أقل مما احتاجته دول العالم الصناعية التي خرجت من الحروب العالمية مفلسة متهالكة.

إن مسيرة التنمية والتطور التي يقودها سمو ولي ولي العهد بتأييد وإشراف خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، مبنية على حلول جذرية ومسارات مهمة قادرة -بعون الله- أن تسمو بنا إلى مصافّ الدول المتقدمة، وهي: العمل على توطين الصناعات، والاستثمار في العقول، والصندوق السيادي للاستثمار العالمي.

هي خطوات جبارة نتمنى أن تُحدث نقلة نوعية في اقتصادنا نحو الرقي والتقدم لوطن قوي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً يواجه الأزمات والتحديات الداخلية والخارجية بكفاءة واكتفاء.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org