

ترك فقيد الإعلام "ماجد الشبل" الألم وسماً على قلوب تلاميذه يئن مرتين؛ الأولى فطرها حزناً لرحيله.. والأخرى أسى يعتصرها لفراقه الدنيا قبل تكريمه.. ولا وصف لكلمات المذيعين القدامى (الدكتور سليمان العيدي، وسبأ باهبري، وجبريل أبو دية، وحامد الغامدي) وهم يعددون مناقب "الراحل"؛ إلا "الوفاء" لكبيرهم الذي علّمهم الاحتراف في زمن الهواة.
"بقايا الأمس"
الدكتور سليمان العيدي، سمّى نفسه بأحد تلاميذ المذيع ماجد الشبل، رحمه الله؛ قائلاً لـ"سبق": بهذه المناسبة الحزينة أعزي الوسط الإعلامي وأسرة "ماجد" برحيل أحد "أعلام الإعلام"، فقيد الساحة الإعلامية، ومنذ أكثر من 50 عاماً من نشأة التلفزيون السعودي كان هذا الرجل هو المؤسس لمكتبة التلفزيون، وهو رمز إعلامي كبير، ترك جيلاً تتلمذ على يديه وأنا منهم.
وأضاف: "من حسن حظي أنني تتلمذت على يديه، وعمِلت معه، وكنا نقرأ الأخبار والمناسبات الملَكية، وتعلمتُ منه الكثير، وكان له برامج مؤثرة من بينها "بقايا الأمس"، ولا أنسى عندما كان في آخر يوم من تقاعده وقال لي: ثق أنني سعيد لأنني أصبحت في كل بيت سعودي".
وختم "العيدي": الآن وبعد أن أصبحت مشرفاً على قناة القرآن الكريم، بادرت وفاء لزميلنا الشبل بتقديم دعائه المشهور بصوته عقب كل صلاة عشاء وصلاة فجر.
الجلطة.. والتكريم
وبمشاعر الحزن وعظيم الفقد يروي المذيع المعروف "جبريل أبو دية" قصته مع الراحل قائلاً: ماجد الشبل -تغمّد الله روحه الجنة- أحد ركائز التلفزيون السعودي، وكلنا تلاميذه، وبعد أن تعرّض للجلطة كان لديه إصرار على الحضور والعمل، وكانت ابتسامته لا تفارقه أبداً، وأذكر أن الأمير سلمان عندما كان أميراً على منطقة الرياض زاره في المستشفى التخصصي، وكنا متواجدين، وقلنا له: "زيارتك ليست لماجد فقط؛ بل هي زيارة لنا كلنا".
وأوضح: من حسنات الزميل الراحل سليمان العيسى، أن جعل ماجد الشبل في جدول الأخبار حتى وهو يعاني من تَبِعات الجلطة، كما أن البرنامج الجماهيري في ذلك الوقت "المملكة هذا الصباح" قدّم الحلقة الافتتاحية زميلنا ماجد، وطلب "ماجد" أن يصاحبه في الاستديو أحد المذيعين الشباب، واختار محمد خيري، وكانت الحلقة مثيرة ويتابعها وزير الإعلام.
وتابع "أبو دية": الراحل ماجد كان جامعة في المهنية، وأتذكر أنه كان يقدم المشاريع التي يفتتحها الملك فهد ارتجالياً وبدون أوراق، وماجد حُرِم من التكريم الرسمي، ومن تكريم وزراء الإعلام، وكان الأمير سلمان يزوره آنذاك وهو على سرير المرض، ولم يزره أي وزير أو وكيل وزارة.
ليلة حزينة
ويصف رفيق درب الفقيد، المذيع "سبأ باهبري" ساعات النبأ بـ"الليلة الحزينة"، وهو يودع ماجد الشبل قائلاً: ليلة حزينة أسترجع فيها كثيراً من الذكريات والمواقف العذبة والأحاديث الباسمة، التي كان فيها ماجد أستاذاً في أنفته، ورفضه لقبول ما هو أقل من مكانته.
وأردف: أترحّم على الفقيد، وأسأل الله أن يجعل ما عاناه في سنواته الأخيرة كفارة وطهوراً وأجراً.. كان يعاني باحتساب وجلد ورجولة، لم يهزمها المرض الذي هدّ جسمه. ورحل عن دنيانا بعد أن نقش في تاريخ الإعلام المرئي والمسموع جواهر ودرراً ستبقى مدرسة يتعلم منها الباحثون عن التميز والرقي.
شهيد الوطن
ومن خارج المملكة يتهدج المذيع المعروف حامد الغامدي بصوت خافت حزين، قائلاً: "أستاذي ماجد الشبل.. صوت لا ينسى، وصورة لا تغيب، اسم محفور على صفحات الإعلام العربي.. فهو أحد أعلام الإعلام العربي، تربّت على صوته وأدائه الفريد أجيال من الإعلاميين، وأنا واحد منهم. رحل ماجد الشبل ماجداً".
وزاد: "ماجد الشبل قرأ خلال مشواره الإعلامي أخبار العالم، واليوم نقرأ خبر وفاته.. أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر له ويرحمه، وأن يجعل مقامه في عليين. اللهم يمّن كتابه، ويسّر حسابه، وثبّت على الصراط أقدامه، وأسكنه في أعلى جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء".
وأشار إلى أن "الشبل" أستاذه وأستاذ الكثير من المخضرمين؛ راجياً أن يتم تكريمه ومعاملته معاملة الشهداء؛ لأنه خدم الوطن، ووضع منهجاً يُحتذى.