تحدثت في مقال سابق عن السعودي الجديد في عالم المتغيرات؛ منوها بضرورة تمرين المواطن السعودي على المتغيرات التي بدأت تظهر على الساحة، والتي حتماً ستمس جوهر حياته الخاصة؛ لا سيما في جانبيْها الاقتصادي والاجتماعي.
وهناك جانب آخر لا يقل أهمية عن هذين الجانبين اللذيْن انسحب جُلّ الكلام إليهما؛ ألا وهو الجانب السياسي والعسكري؛ فالسعودية في غالب أوقاتها تعيش في سلام داخل حدودها، وتؤمنها من أي اختراق، وكان معظم تفاعلها الخارجي في إطار السياسة والدبلوماسية، وقلما كان لها دور عسكري خارج تلك الحدود.
في عالم اليوم، ثَمة متغيرات عملاقة، وقفزات هائلة في توجهات السعودية؛ إذ فُرض عليها حتمية التحرك عسكرياً خارج حدودها لتأمين تلك الحدود من ناحية، ولِصَدّ المخاطر التي تفرضها المشروعات التوسعية من بعض الدول الإقليمية الملاصقة للحدود، من ناحية أخرى.
وعلى إثر هذه المتغيرات، وجدنا التحرك العسكري السعودي في البحرين تحت مظلة درع الخليج، ثم التحرك الأضخم في اليمن لمواجهة العدوان الحوثي- الإيراني، ثم محاولتها التدخل في إطار تحالف موسع في سوريا يضم العديد من الدول لمواجهة التحركات المناوئة.
هذا الخروج العسكري يُدرك الجميع أن له تبعات عسكرية في المقام الأول؛ فقد تصطدم قوات البلاد بميليشيات مدعومة من قوى إقليمية مناوئة، وقد تصطدم بالجيش الإيراني مباشرة في اليمن أو سوريا، وقد تتعرض أراضيها لمخاطر على نحو ما يحدث في الحد الجنوبي بين الحين والآخر.
وهذه التبعات قد لا تقف عند الحد الجنوبي إذ امتدت مساحة الصراع، وتعددت جبهات الأعداء، وهو الأمر الذي قد يستدعي اللجوء إلى التجنيد الإلزامي للشباب لمواجهة تلك المخاطر، أو سَنّ قوانين استثنائية في بعض الأحيان لمجابهة خطر متوقع.
أضف إلى ذلك أن هذا التوسع الخارجي، يفرز أعداء جدد قد يهددون سلامة البنية الداخلية، على نحو ما يحدث من بعض الجماعات والقوى التي تسعى لإيقاد نار الفتنة في البلاد بتفجيرات وألغام، وهي بذلك -علمت أو جهلت- تمثل سهماً مسموماً من سهام الأعداء.
ما ندعو إليه دائماً؛ هو أن تركز وسائل الإعلام، وكذا قادة الرأي، على حتمية إجراء تغيير في نفسية وهيكلية تفكير المواطن السعودي لتقبّل تلك المتغيرات، وما قد تستتبعه من مخاطر لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية أو المالية؛ ولكن تشمل كافة جنبات حياته.