- يتسللون من إفريقيا بهدف الاستيطان الدائم.. يُتلفون جوازات سفرهم عمداً ويفرضون أنفسهم على المجتمع السعودي.
- بعض رجال الأعمال "يخالف" ويشغّلهم بمقابل زهيد.. ومنظمات حقوق الإنسان تعتبرها جريمة تجارة بالبشر.
- تصحيح أوضاع الفئات غير النظامية ينتج عنه قيمة مضافة في الاقتصاد السعودي وإعادة هيكلة سوق العمل المحلي.
- رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: وجود عمالة غير شرعية واقع في كل الدول.. وهؤلاء لهم عالمهم الخفي والجريمة المنظمة.
- عضو مجلس الشورى د.صدقة فاضل: يُعَدّون مصدر أغلب الجرائم والشعوذة.. ووجودهم يتنافى مع خطة التحول الوطني ومن المهم الحد من تسللهم.
- المستشار الاقتصادي هشام المهنا: خطورتهم في تنمية "اقتصاد الظل" وتجارة المخدرات والدعارة والسلع المقلدة.. وهم حجر عثرة أمام التنمية المجتمعية.
جاء تدشين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، حملة "وطن بلا مخالف" -قبل أيام- التي وافق على القيام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في إطار رغبة السعودية في تسوية أوضاع مخالفي نظام الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال 3 أشهر، ومساعدة من يرغب في إنهاء مخالفته وإعفائه مما يترتب عليه من عقوبات.. وجاءت هذه الحملة لتمنح العديد من المخالفين لنظام الإقامة فرصةَ تسوية الأوضاع بشكل نظامي؛ لا سيما وأن أعدادهم -وفقاً لإحصاءات غير رسمية- تتجاوز 4 ملايين مخالف.
وفي هذا الجانب أثار مقترح عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل بوضع نظام لمكافحة الهجرة غير المشروعة إلى السعودية، العديدَ من علامات الاستفهام حول طبيعة تلك الفئة التي تستوطن المملكة منذ عدة عقود (رجالاً ونساء)، يعيشون داخل عشوائيات المدن السعودية، ويتكاثرون بطرق غير نظامية.
ويرى العديد من المتخصصين في مجالات الاجتماع والاقتصاد والأمن، أن الحل هو في ترحيل العدد الأكبر منهم؛ حيث يمثلون خطراً مجتمعياً واقتصادياً وأمنياً كبيراً على المجتمع، ويرتكبون العديد من الجرائم والتجاوزات؛ فيما يطرح آخرون حلولاً لاستيعابهم، وتصحيح أوضاعهم، وتدريبهم، واستثمارهم كبديل للعمالة الوافدة التي أصبحت مرتفعة التكاليف؛ خصوصاً في الأعمال الحرفية.
سلطت "سبق" الضوء على هذه الإشكالية للتعرف على أبعادها المختلفة.
وطن بلا مخالف
وإن كانت حملة "وطن بلا مخالف" التي دُشّنت أخيراً، تأتي في إطار رغبة الدولة في تسوية أوضاع مخالفي نظام الإقامة والعمل وأمن الحدود؛ اعتباراً من يوم الأربعاء 1 رجب 1438هـ الموافق 29 مارس 2017م، وتسهيل إجراءات مَن يبادر بالمغادرة خلال المهلة المحددة وإعفائه مما يترتب عليه من عقوبات؛ فإن هذه الحملة تُعَد امتداداً لحملة سابقة أُطلقت قبل 3 أعوام؛ حيث تَمَكّنت وزارة الداخلية في حملاتها السابقة من ترحيل مليونين ونصف المليون مخالف وفق إحصاءات رسمية؛ فيما سجل مطار الملك عبدالعزيز بجدة أكبر نسبة ترحيل للمخالفين بنسبة 48% عاميْ 1435/ 1436هـ، يليه منفذ الطول البري جنوب السعودية بنسبة 33%، تبعه مطار الملك خالد بالرياض بنسبة 10%؛ بينما كانت أكثر المناطق قبضاً على المخالفين منطقةُ مكة المكرمة بنسبة اقتربت من 50%، وتَبِعَتها جازان، وتليها المنطقة الشرقية.
شعب دخيل
تواصلت "سبق" مع عضو مجلس الشورى د.صدقة فاضل، وسألته عن الأسباب التي دعته إلى طرح مقترحه الذي قدّمه للمجلس بشأن نظامٍ لمكافحة الهجرة الاستيطانية غير المشروعة إلى السعودية؛ فأوضح قائلاً: "الهدف تكوين لجنة في وزارة الداخلية لترحيل من 3 إلى 5 ملايين أجنبي استوطنوا السعودية بطريقة غير شرعية"؛ لافتاً إلى أنهم موجودون في معظم الأحياء العشوائية خاصة في مدن المنطقة الغربية، ومعظمهم يأتون من بلاد إفريقية وآسيوية للحج، والهدف هو الاستيطان الدائم، والتوالد والتكاثر بشكل يثير الذعر؛ حتى أصبحوا بمثابة "شعب دخيل" يحاول أن يفرض نفسه على البلاد عبر التسلل وكسر القوانين.
وأكد "فاضل" أنه لا يتحدث عن الأجانب الوافدين بشكل نظامي؛ بل عن مجموعات من البشر تقيم بصفة غير شرعية، ويتجاهلون كل القوانين، ومنهم مَن يُتلفون جوازات سفرهم عن عمد ولا يكترثون بجواز سفر أو إقامة؛ بل يفرضون أنفسهم على المجتمع السعودي.
مطالباً بأن تتواصل الحملات المداهمة على أوكار المهاجرين غير الشرعيين من حين لآخر.
ولفت "فاضل" إلى أن هذه الفئات تأتي من أدنى درجات السلم الاجتماعي في بلادهم، ويعيشون في عشوائيات ولكنها أفضل من العيش داخل بلادهم، وقال: "جميعنا لا يخفى عليه عشوائيات مكة وجدة والطائف والرياض؛ حيث باتت لهم أسواق خاصة بهم ويعيشون في عالمهم الخاص، كما أنهم يرتكبون العديد من الجرائم من سرقة وترويج مخدرات وشعوذة وخلافه؛ مؤكداً أن نسبة كبيرة من الجرائم التي تقع وتسجل في الشرطة يرتكبها هؤلاء.
تصحيح الأوضاع
وتابع: رأيت بعيني كيف يعيش هؤلاء داخل المجتمع، وكيف يتخفون من الشرطة والجوازات، وبعضهم داخل في منظومة العمالة في السعودية؛ لافتاً إلى بعض المهن التي يمارسونها كغسيل السيارات على سبيل المثال. وذكر لـ"سبق" ما شاهده أثناء زيارته لمكة، وقال: رأيت أكثر من 200 شاب إفريقي يركبون دباباتهم على طريق جدة- مكة، ويتجولون بشكل لافت دون أي رقابة. ورأى "فاضل" أن نظام البصمة سوف يقلّص من الهجرة غير الشرعية للسعودية؛ مؤكداً أن مصلحة البلاد تقتضي تصحيح أوضاع كل المخالفين للأنظمة وقد يكون هناك مَن يستحق منهم التجنيس وينطبق عليه الشروط؛ بيْد أنه ليس لدينا أي معلومات كاملة عن هؤلاء الفئات غير النظامية.
وتابع: هناك نسبة يمكن منحها إقامات نظامية حتى تعيش بشكل رسمي وتعمل داخل البلاد، وهناك نسبة أخرى يجب أن ترحل وترجع إلى بلادها بشكل إنساني، وختم حديثه مؤكداً أن مشروع نظام متكامل لتصحيح أوضاع العمالة غير النظامية يُعَد مهمة وطنية علينا القيام بها حفظاً للأمن ومراعاة لحقوق تلك الفئة.
خطة استراتيجية
فيما اعتبر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور أنور عشقي، أن وجود عمالة غير شرعية واقعٌ موجودٌ في كل الدول وتعاني منها أمريكا بشكل كبير؛ لافتاً إلى أن أي دولة فيها مكونات الاقتصاد الجيد إضافة إلى المقومات الروحانية الموجودة في السعودية، تكون جاذبة لكثير من العمالة.. أما بشأن الجانب الأمني فلا شك أنهم يمثلون خطراً أمنياً كبيراً في أي مجتمع؛ محذّراً من أن وجود أي فئة بشكل غير شرعي قد يُحَوّلها إلى العالم الخفي أو الجريمة المنظمة.
وعن المخاطر السياسية قال د."عشقي": هناك مخاطر في اتخاذ أي إجراءات نحوهم في ظل اعتراض المنظمات الحقوقية على الكثير من الأمور؛ خاصة إذا كان هناك تهجير إلى أوطانهم بأعداد كبيرة؛ لافتاً إلى مخاوف لدى رجال الأعمال من الاستفادة من هؤلاء وتشغيلهم بمقابل زهيد، وهو ما تعتبره حقوق الإنسان تجارة بالبشر.
ورداً على الخوف من ممارسة هؤلاء الفئات لأعمال إجرامية، أجاب: أي جريمة منظمة يتم معاقبتها قانونياً داخل البلد، وهذا أمر طبيعي ومقبول دولياً؛ لافتاً إلى حال البرماويين وهو ما يقرب من مليون فرد تم تصحيح أوضاعهم ووُفرت لهم الدراسة والعمل والمعاملة الحسنة بعد أن رفضت دُوَلهم استلامهم.
وأوضح الدكتور "عشقي" أن السعودية تُعَد وجهة العالم الإسلامي للحج والعمرة، وهناك الملايين سنوياً تدخل البلاد، والبعض يتهرب حتى لا يعود ثانياً، وقد تَكَفّلت مكاتب الحج والعمرة بعودتهم إلى بلادهم سالمين، وهناك مَن يتسلل من خلال الحدود، ويتم إلقاء القبض عليهم وترحيلهم.
وأضاف: بعض الدول تقوم السعودية بمساعدتها واستقبال رعاياها، وهناك فئات تُنكر أنها رعايا دول معينة.. في الوقت الراهن تقلصت تلك الأمور بشكل كبير بسبب الإجراءات الملموسة التي وضعتها الدولة السعودية، وما زال الجانب الإنساني يغلب على السعودية مع بعض الدول التي مرت بحروب مثل (سوريا، ولبنان وقت الحرب، والعراق)، وهذا هو قدَرنا كدولة كبرى.
وكشف رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في ختام حديثه لـ"سبق" أن السعودية لديها خطة استراتيجية متكاملة للتعامل مع هذه الفئات بعدة أساليب يُرَاعَى فيها الجانب الإنساني.
الأموال الساخنة
أما المستشار الاقتصادي هشام المهنا؛ فتَحَدّث عن خطورة تلك الفئات ودورها في تنمية "اقتصاد الظل"؛ أي عملية مالية تتم عبر قنوات غير شرعية؛ موضحاً أن الحالة الاقتصادية المتدنية لهؤلاء تجعلهم يقبلون أي عملية اقتصادية بشكل غير قانوني حتى يكون لهم مصدر دخل، كما أنهم يزيدون من استقطاب "الأموال الساخنة" في السوق؛ وهي الأموال التي تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في سعر صرف العملة المحلية؛ نتيجة تدفق رؤوس الأموال من دولة إلى أخرى لكسب أرباح بسيطة، وتُعَد خطراً يهدد الاقتصاد؛ وبالتالي يسحب هؤلاء السيولة المفترض أن تُستخدم في منافذ أفضل؛ مما يزيد من تنمية أنشطة غير رسمية من تجارة مخدرات وسرقة ودعارة وتجارة في السلع المقلدة بشكل غير نظامي؛ وهو ما سوف يُنشئ أسواقاً غير قانونية.
كما يرى أن هناك خسارة اقتصادية جراء هؤلاء الأشخاص المعطلين في استهلاكهم للكهرباء والمياه والسكن في العشوائيات التي تُعَد حجر عثرة أمام التنمية المجتمعية، وهذا يتنافى تماماً مع خطة التحول الوطني؛ محذراً من بعض العادات والتقاليد الصحية التي ينشرها هؤلاء وينتج عنها خسارة صحية وتعليمية. وضرَب المثل بانتشار العلاج بالأعشاب والتداوي غير الرسمي.
وأوضح "المهنا" أن تصحيح أوضاع تلك الفئات غير النظامية ينتج عنه قيمة مضافة في الاقتصاد السعودي، ويساهم في دفع عجلة الاقتصاد والإنتاج؛ مشيراً إلى أن تلك الفئات قد يفيد تدريبها بشكل يتناسب مع سوق العمل؛ مما سوف يقلل من استقدام العمالة الخارجية، وتكون تكلفته أقل بكثير من الاستقدام من الخارج، كما سوف يكونون بيئة خصبة للأنشطة الصغيرة التي يحتاجها المجتمع السعودي، ويساهمون في انتشار الأسواق والنشاطات الصغيرة التي يصعب على الأفراد المتعلمين ممارستها من أعمال سباكة ونجارة وحدادة.