مع التحول الوطني.. المحاسبة من عناصر النجاح

مع التحول الوطني.. المحاسبة من عناصر النجاح
تم النشر في

السرقات من وطننا مهما كانت صغيرة، هي سرقة من بيوتنا التي نعيش فيها فعلاً، وطننا هو البيت الكبير الذي دائما ما يحتوينا، ومن هذا الإيمان فإن المحاسبة تقع على الجميع، ولذلك علينا أن نتسلسل أولا في المحاسبة وأشكالها ولكن هذه المرة بشكل مختلف: عندما انحرق مستشفى جازان، خرج وزير الصحة خالد الفالح واعترف بخطأ وزارة الصحة في تحمل ذلك لأنها هي من قبلت أن تستلم بناء سيئاً، تحمل الوزير للمسؤولية أبهر الجميع، حتى وهم يعرفون أن حقيبة وزارة الصحة كانت في يد وزير آخر آنذاك حتى هذه اللحظة، واضح أن الحالة الحكومية الآن هي التفاعل السريع مع الأحداث، المحاسبة الذاتية والاعتراف بالأخطاء، وهي ضمن تحولات حدثت بشكل متصاعد وواضح منذ سنة كاملة مع عهد الملك سلمان حفظه الله، ومن الواضح للجميع أن ما يحدث تحولاً وطنيا في إدارة الأزمات، إلا أن السؤال هنا: هل المحاسبة تأخذ شكلا مسرحياً؟ هل سينفذ الوزير - أي وزير - ما التزم به عند وقوع الخطأ من حلول وتعديلات؟ هل سيحين يوماً يثق فيه الناس ويصدقون، لأن الرؤية موثقة عياناً بأم أعينهم عندما يرون تغييراً حقيقيا؟ اذا لنكون قريبين أكثر من سعادتنا ونقول أن التحول الوطني بحاجة إلى نظام محاسبي صارم حتى مع شخصيات تحمل ألقاباً سابقة؟ وزير سابق؟ مدير سابق؟ مهندس سابق؟ كل ما هو سابق، فليس من العقل أن نقسم السعودية إلى مرحلتين زمنيتين: مرحلة ما قبل المحاسبة، ومرحلة ما بعد المحاسبة، بل يجب أن نقوم بتدارك أخطاء المرحلة الأولى لنهنأ بما تنجزه بلادنا في المرحلة الثانية. وإذا لم نفعل ذلك، فسوف تستمر مرحلتنا الثانيه حتما بذات الأخطاء إن لم نطور أدوات المحاسبة، وتجهيز كوادر احترافية للتحقيق في ذلك.

يجب أن ندعم وبشكل عادل لا يمس كرامات الناس ثقافة المحاسبة على المستوى الشخصي للمواطن السعودي وللمقيم أيضا فهو شريك في هذه التنمية، بل أن غير السعوديين ولأسباب كثيره يتقاطعون مع أهم مشاريع بلادنا. إن نشر ثقافة المحاسبة أمر مهم يجب أن يبدأ من الفرد، لأننا نرى أشخاصاً يسرقون "لمبات" من الشارع، شجرة، يأخذون أقلاماً وأوراقاً من المؤسسات الحكومية ظناً منهم بأن السرقة مفهوماً يجب أن يستوطن في خانة الملايين من الريالات، أما بضعة الريالات فلا تعد سرقة. دائرة التأثير والتغيير يجب أن تكون ذاتية أولا، ومن ثم التوسع في دائرة التأثير من خلال قيام كل واحد منا بالتأثير على دائرته الاجتماعية الضيقة: الأبناء، الإخوة، الأصدقاء، الأقارب، ومع كل دائرة تتقاطع الدوائر لنرى مجتمعا ودائرته الكبيرة قد طور ثقافة المحاسبة ومراجعة الذات، ووضع خطوطا حمراء لا يمكن المساس بها، لأن الفساد وأدواته وحجمه صغيراً كان أو كبيراً لا يمكن منحه مبررات وتشخيصات خاصة، لأن اللمبة التي تسرق نورها من الشارع، هي ودون أن تعلم، ظلام تضعه في منزلك.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org