"معشي": لا أريد منصبًا في السعودية.. طموحي معمل وفئران تجارب

أستاذ الأمراض الوراثية شعاره "قادمون يا نوبل".. وزواج الأقارب لا يعجبه
"معشي": لا أريد منصبًا في السعودية.. طموحي معمل وفئران تجارب
تم النشر في

في معمل أبحاث بجامعة "ميقيل" أعرق الجامعات الكندية، كان الدكتور ذات صباح يُمسك بسجل خاص في التقويم والرصد، ويرقب طلابه وهم منهمكون في تجاربهم حول علم الوراثة البشرية.. أعجب الطبيب بشخصية وهمّة شاب ذي ملامح عربية، حيث البشرة الحنطية والشعر "المجعد" المائل قليلاً للخلف، أنزل نظارته على طاولته واستدعاه بإشارة اليد كي لا يثير انتباه البقية.. جلس الشاب بجواره وسأله: من أي العرب أنت؟ فقال الطالب: من السعودية.. استمر الحديث بين الطالب وأستاذه الذي ذُهل من العلامات الجيدة والطموح العالي.

الطالب هو "جبران معشي"، معيد ومحاضر في كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة جازان، والمبتعث في جامعة "ميقيل" بكندا لدراسة الماجستير في تخصص الوراثة البشرية.

يقول "معشي" في حديثه لـ"سبق" عن آماله وتطلعاته حول "الوراثة": أدرس في جامعة "ميقيل" بمدينة "مونتريال" الكندية فهي تعد من أفضل الجامعات عالمياً من ناحية المجال البحثي والطبي، ووفقني الله في اختيار تخصص مهم في مجال الطب تحتاجه المملكة كثيراً وهو الوراثة البشرية، وأعكف حالياً على دراسة مرض وراثي اسمه متلازمة "كيوتل" Keutal Syndrome.

‏ويضيف الشاب الذي خرج من بيئته البسيطة في قرية "الجربة" التابعة لمحافظة أبوعريش إلى أفضل جامعات العالم من ناحية دراسة التخصص: ‏كانت مرحلة مثيرة ومليئة بالمعرفة، وجدت أنني أمام ثلاثة تحديات، أولها التحصيل العلمي، ثم الحفاظ على مبادئ الدين الإسلامي التي تلقيتها من والديّ ومجتمعي، وأخيراً تمثيل الوطن وردّ شيء من الجميل، وهي الوصايا التي يجب ألا تغيب عن كل مبتعث، فليس من المعقول أن تضيع هذه الثلاث عن عاقل يحمل الوازع الديني والاجتماعي والوطني".

ويبدو أن "معشي" الطالب "الأعزب" آثر الدراسة على الحياة الزوجية، وفي نفس الوقت يرغب في البحث عن رفيقة العمر من خارج عائلته الكبيرة، فهو لا يؤيد زواج الأقارب، مدافعاً عن قناعته بدراسات طبية أثبتها بنفسه، فمشواره الدراسي كشف له حالات منتشرة عن أمراض وراثية بسبب الزواج من الأقارب، مشيراً أن بحثه كان له علاقة بمرض وراثي منتشر في كندا، وتركيا والكويت، بالإضافة إلى حالتين موجودتين في السعودية وقد أكرمه الله لاكتشاف شيء يعمل على علاج هذا المرض الوراثي.

وتابع الطالب جبران معشي: شاركت بهذه النتائج الإيجابية في كثير من المؤتمرات، وتم الثناء على ما وصلت له، وتم ترشيحي للحصول على قبول دكتوراه ومواصلة البحث في هذا المرض الوراثي، وإن شاء الله سيتم منحي دراسة مجانية من قبل مركز الأبحاث الذي أعمل به في حالة الرغبة لمواصلة مرحلة الدكتوراه في نفس المستشفى والجامعة.

ولأنه يمثل بلاد الحرمين الشريفين بمبادئ أصيلة فقد كانت إجابته لأستاذه عجيبة ومثيرة، وتحمل أبعاداً "سيكولوجية" ووطنية وتربوية حيث سأله الدكتور عن طموحة، فقال: أن أصبح باحثاً مؤثراً في مجال الوراثة البشرية، وأحصل على جائزة "نوبل".. ليرد عليه الدكتور سريعاً: لماذا سقف طموحك عال جداً؟!، فقال لأني أثق في إمكاناتي وعقليتي، ومن حصلوا على جوائز نوبل ليسوا أفضل مني، ولا ينقصني عنهم شيء فالحكومة السعودية لم تقصر معي، ولا مع أبنائها داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.

وفضفض الباحث "جبران معشي" قليلاً عن الهمّ الذي يصارع طموحه: الأمراض الوراثية في جازان خصوصاً والسعودية عموماً بحاجة إلى "داتا" والموجود الآن في الإنترنت لا نعرف صحة مرجعيته لعدم الاهتمام في البحث وتغذية المصادر بكل ما هو جديد، وللأسف أغلب العائدين من خارج المملكة بشهادات المجال البحثي تجدهم يتصارعون على المناصب الإدارية، ومتى أصل لعميد!؟، أما أنا عن نفسي فسأعود بمؤهل باحث من أعرق الجامعات العالمية، ولا أريد سوى معمل متكامل و"فئران" تجارب ومرضى، خصوصاً أن الأجهزة البحثية التي شاهدتها في جامعة جازان متطورة ولا توجد حتى في كندا، لكن هذه بحاجة إلى كوادر صرفت عليهم الدولة ملايين الريالات وحان وقت الاستفادة منهم والمشاركة في أوراق علمية عالمية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org