مملكة الحزم... اتقوا غضبة الحليم

مملكة الحزم... اتقوا غضبة الحليم

أضحت المملكة العربية السعودية اليوم محط أنظار العالم أجمع؛ وذلك نظرًا لما يتم فيها من حراك سياسي وأمني وعسكري غير مسبوق كمًّا ونوعًا وتوقيتًا، صار له الدور الأبرز والفاعل في التأثير على مجريات الأحداث إقليميًّا وعالميًّا باتجاه تصحيح الأوضاع، وإصلاح الخلل الأمني والسياسي؛ إذ تقود السعودية العالم نحو إعادة الأمور إلىنصابها، وهي تشكِّل منصة العقل والحكمة والعدل.

وتقوم السعودية بمنظومة من المبادرات والمواقف المتسقة التي تتسم بالقوة والحزم والعزم والجدية والندية مع القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة في مسار الأحداث، ولاسيما في المنطقة العربية.

هذه المواقف والسياسات تتجاوز الشأن المحلي والمصلحة الذاتية؛ لتلامس الهم الأشمل والمفهوم الحقيقي للسلام والحق والاستقرار العالمي، وهي بذلك توقظ العالم من سباته، وتتقدمه لأجل تحقيق السلام، ومكافحة الإرهاب، وإقامة العدل، وإنصاف الضعفاء.

وبهذه المواقف والمبادرات والخطوات الحازمة والقدرة على صناعة تحالفات قوية وفاعلة حققت السعودية مقولة (اتق غضبة الحليم)؛ إذظلت منذ زمن بعيد تتعرض لأنماط من الاستفزازات الإيرانية المباشرة، أو عن طريق وكلائها في المنطقة، لكنها تعاطت معها بالحكمة والعقل والصبر حرصًا على أمن المنطقة، وعدم تعريضه للانهيار، ومنحت العديد من الفرص، وانتهجت ضبط النفس وإعمال العقل، من أجل تصحيح الأوضاع بالكلمة وبالرأي والحل السلمي، وهذا نابع من منهجيةالسعودية منذ تأسيسها التي ترتكز على الحكمة، كما أن هذه القرارات نابعة من عقلية عُرفت بالحكمة والدقة والدراية بتفاصيل الأمور ودراسة عواقبها ونتائجها، ألا وهو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عُرف برجاحة العقل وعمق التفكير والتأني قبل اتخاذ القرارات والقوة والحزم والعزم.

لم تكن هي المرة الأولى التي تتفتق عنها ذهنية حكماء السعودية فكرًاورأيًا وحكمة، لأجل حقن الدماء، ولمّ الشمل، وتحقيق الأمن.. فقد قادت تحالفًا دوليًّا عام 1990 لتحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم إبان حكم صدام حسين، ونجح التحالف في تحقيق أهدافه بدقة متناهية.

ثم أطلقت السعودية المبادرة العربية للسلام عام 2002م، وهي محفورة في ذاكرة العالم، وتبنت إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، والمركز الدولي لحوار الحضارات، وقادت جهود المصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس في مكة المكرمة، وبين السودان وتشاد، ورعت اتفاق الطائف الشهير بين الفصائل اللبنانية الذي أنهى فصولاً من الحرب الأهلية في لبنان، ثم احتوت الصراع بين شطري اليمن سابقًا، وعالجت العديد من النزاعات الحدودية بالطرق السلمية مع بعض دول الجوار، انطلاقًا من الحكمة والرأي والحوار.

لقد التزمت المملكة العربية السعودية الصمت نحو 35 عامًا تجاه الكثير من الأحداث والسياسات المستفزة والأعمال الإرهابية والتدخل في شؤونها الداخلية، التي تقف وراءها إيران، واستخدمت السعودية في ذلك الدبلوماسية الهادئة بما تتمتع به من خبرة وحنكة وحكمة، لكنها لم تقم ولو مرة واحدة بأي عمل استفزازي ضد إيران داخل أراضيها، ولا استهدفت مصالحها أو مقارها الدبلوماسية في الخارج، بل كانت الحكمة هي وسيلة التعامل والرد؛ لأن هذا السلوك هو منهج السعوديةالذي اختطته لنفسها، وليس ضعفًا منها ولا خوفًا من جهة، إنما هي المنهجية القائمة على الحكمة والعقل وعدم الانجرار وراء الاستفزازات غير المسؤولة التي قد تعصف بأمن المنطقة، ولاسيما أن السعوديةهي أكثر من يحرص على حماية الأمن والاستقرار.

أما ما يقوم به تحالف عاصفة الحزم بقيادة السعودية في اليمن من أجل استعادة الشرعية، وكبح جماح التمرد الحوثي وحليفه المخلوع صالح، فهذا تم بطلب من الحكومة الشرعية، ودعمًا للمقاومة الشعبية لإعادةالأمن والاستقرار. وفي السابق أسهمت السعودية في إنشاء العديد من المشاريع التنموية في اليمن الشقيق، وحاليًا تعمل من أجل بسط الأمن، وتقديم المساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار.

السعودية اليوم تقود تحالفًا قويًّا وناجزًا لوضع الأمور في نصابها، وإعادةصياغة أمن المنطقة على قاعدة الأمن والاستقرار والعدل والإنصاف وإزالة الظلم والعدوان، وهي بذلك تريد إيصال رسالة إلى العالم بأن الصبر ومنح العديد من الفرص لا يعنيان الضعف والاستسلام، وأن الصبر قد ينفد، ولكن الوسائل لن تنفد، والحلول الأخرى متوافرة، وأن القدرة إذا استبعدت في البداية لا يعني أنها تُستبعد إلى الأبد، وأن التحالف قادر على حماية أعضائه، وعلى صد كل محاولة للإخلال بالأمنوالاستقرار، وهو بالمرصاد لكل من تسول له نفسه العبث بأمنالآخرين، أو التعرض لمقدراتهم وشؤونهم الداخلية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org