نحن السعوديين المحرِّك الأهم والأبرز في خارطة العالم الإسلامي، ونحن بصوتنا وقوتنا المؤثرة الآن نحتاج كثيرًا إلى دونالد ترامب، المرشح القوي للرئاسة الأمريكية، الذي سوف يساعدنا في اكتشاف نسبة الأمريكيين الذين يكرهوننا، من خلال نسبة منتخبيه.
والجميع يعلم بأن أحد أهم الوعود الانتخابية لترامب هو عدم السماح بدخول المسلمين إلى أمريكا؛ لذلك من يتحمس لوعوده يعلن كراهيته علنًا في إطار حضاري.
لذلك نحن نحتاج إلى ترامب كثيرًا؛ كي نستوعب أكثر ماذا حدث ويحدث في خريطة الشرق الأوسط، التي سوف أعددها عشوائيًّا على شكل فلاشات: ماذا حدث في العراق؟ وكيف ساهمت المؤسسة السياسية الأمريكية على مدار تاريخها بممارسة النفاق الدبلوماسي؛ فصنعت تحت الطاولة عراقًا مقسمًا شيعيًّا وسنيًّا مخترَقًا ومُدارًا من إيران؟ وكيف قامت بصناعة منظمات كأفخاخ كثيرة وكبيرة إن لم يكن بتمويلها فعلى الأقل بدعمها السياسي من خلال قرارات تمهيدية، تساعد هذه المنظمات على الاستمرار، ولعل آخرها الحشد الشيعي في العراق، ثم خلط الأوراق، وتلعب بنا "بالوت"، حتى يأتي الربيع العربي، وندخل مرحلة سايكس بيكو جديدة من التقسيم؛ لتتحول المنطقة إلى ولايات إسلامية متشددة، ولايات كردية، ولايات شيعية، ولايات سُنية وولايات علوية.. وما تبقى من "دمشق" تبقى جمهورية هشة، يحيطها كل هؤلاء؟..
نحن نحتاج إلى ترامب كثيرًا؛ كي ندرك المرحلة الأخيرة من السياسة الأمريكية في المصارحة والمكاشفة؛ كي ندرك أنها سمحت لإيران "العشيق الفارسي السري لغرف الرؤساء الأمريكيين" بأن تدخل المنطقة وتقسِّمها.
لذلك نحن نحتاج إلى ترامب كثيرًا؛ لنقول بشكل واضح إننا نريد أن نكون أمة، من خلال مشروع تحالف اقتصادي، يماثل التحالف العسكري.. وإن تحفظت عليه بعض الدول إلا أن تحالفًا اقتصاديًّا حقيقيًّا بحساسات السوق والأرقام سيكون فرصة عظيمة للجميع.. يجب أن نخطط من خلال هذا التحالف الاقتصادي الإسلامي إلى استعادة توجيه رؤوس أموالنا، ونفطنا، وسياساتنا الاقتصادية تجاه السوق الإسلامية المشتركة بلا خجل، وبخطط اقتصادية معلنة للعالم، وأن لا يتم النظر إليها على أنها رومانسية سياسية، رغم وجود مقومات حقيقية من حيث القوة الاستهلاكية التي تشكل 22 في المئة من سكان الأرض، والمساحة التي تشكل 25 في المئة.
السوق الإسلامية المشتركة كي تتحول إلى حقيقة علينا أن نديرها بعقلية "شركة مساهمة عامة" مطروحة في سوق الأسهم، وتقوم من خلال عشرات الشركات التابعة لها بـ: الاستثمار الزراعي، الصناعات الثقيلة والعسكرية، المؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس خاصة، الإنتاج السينمائي والصناعات الإلكترونية.
هذه المشاريع بالإمكان أن تكون حقيقة من خلال الصناديق الاستثمارية السيادية لدول السوق الإسلامية المشتركة، أو من خلال الودائع البنكية العربية في بنوك واشنطن بعد إعادة توطينها. وكي يكون هذا المشروع الاقتصادي حقيقيًّا، ولا يأخذ شكلاً عاطفيًّا، لا يجب أن نكون حساسين فيما يخص موقع إدارة التحالف الاقتصادي؛ ليكون الصراع شكلانيًّا بعيدًا عن الصراع الحقيقي الذي يحدث فوق وأسفل طاولات المفاوضات.
نحن نعيش مرحلة حرجة من التهميش والتقسيم و"التتفيه"؛ فالجميع يتهافت علينا، ويجب علينا النظر إلى شراكة السوق المفتوحة على أنها عامل مساعد في دخول اللعبة السياسية من خلال الضغط ولو بالحد الأدنى على القرار السياسي "الضدي".
ورغم أن الإسلام لا ينفي المصالح مع الآخرين مهما كانت دياناتهم إلا أن السوق الإسلامية المشتركة باتت ضرورة حضارية للبقاء في ظل عدوانية الآخر الفجة. ولو افترض غير المتحمسين أن هذه الشراكة سوف تدفع العواصم الانتهازية للتكالب علينا فذلك يجعلني أقول براحة بال: هم أساسًا متكالبون علينا، فلماذا نخشى؟ ومن ماذا نخاف؟ فلا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها.