أعلنت هيئة التراث، اليوم، عن نجاح بعثة سبر الآثار الغارقة التابعة للهيئة بقيادة 5 غواصين سعوديين من منسوبي الهيئة، في الكشف عن حطام سفينة غارقة في البحر الأحمر مقابل سواحل محافظة حقل، والعثور على المئات من القطع الأثرية التي كانت جزءًا من حمولة السفينة.
وتمكن الفريق المتخصص في أعمال مسح التراث المغمور في البحر الأحمر من تحديد موقع حطام السفينة الذي يبعد عن الشاطئ مسافة 300م، وتم توثيق المسح بمجموعة من الصور الفوتوغرافية ثلاثية الأبعاد، وتحديد المنطقة التي تحوي تلك الآثار الغارقة.
وتشير التقارير الأولية إلى أن السفينة ربما تعرضت لحادث اصطدام بالشعاب المرجانية أدى إلى تناثر أجزائها وسقوط حمولتها، فيما كشفت الأدلة أن رحلة السفينة كانت في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وهي الفترة التي عُرفت بكثرة رحلات التجارة البحرية في البحر الأحمر، فيما يغلب على هذه القطع الفخارية التي عثر عليها أنها من نوع "أمفورا" المُصنّع في مدن حوض البحر الأبيض المتوسط.
يذكر أن أعمال المسح والتنقيب عن الآثار الغارقة في مياه البحر الأحمر، التي بدأتها الهيئة بالتعاون مع جامعات ومراكز بحثية عالمية، أسفرت عن وجود أكثر من 50 موقعًا لحطام سُفن غارقة على امتداد البحر الأحمر تتنوع في قيمتها التاريخية والأثرية وفتراتها الزمنية؛ حيث تؤكد على العلاقات التجارية والاقتصادية القديمة لسواحل المملكة ونشاطها وتواصلها الحضاري مع المناطق المجاورة.
وسبق للبعثة السعودية الإيطالية المشتركة عام 2015-2016م العثور على حطام سفينة غارقة في موقع قرب مدينة أملج يتضمن جزءًا من ألواح السفينة نفسها المصنوع من خشب البلوط ونبات الصنوبر، تحوي مجموعة من القِلال الفخارية، وأكوابًا من الخزف الصيني، إضافة إلى كِسَر قناني من الزجاج، وأوعية من المعدن يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي.
كما عثر الفريق السعودي الألماني المشترك لمسح مواقع التراث المغمور في الساحل الغربي -الذي بدأ أعماله الميدانية منذ عام 2012م حتى عام 2017م- على بقايا حطام سفينة رومانية في البحر الأحمر، ويعد - حتى الآن - أقدم حطام لسفينة أثرية وجدت على طول الساحل السعودي، إضافةً إلى حطام سفينة أخرى تعود إلى العصر الإسلامي الأول، وذلك في المنطقة الواقعة بين رابغ شمالًا حتى الشعيبة جنوبًا؛ مما يؤكد أن سواحل المملكة غنية بهذا التراث التراكمي؛ الأمر الذي جعل الهيئة تضاعف جهودها في اكتشاف هذه الكنوز، مستعينة ببيوت خبرة دولية عالية المستوى.
وتعمل هيئة التراث بالتعاون مع عدد من الجامعات المحلية والبعثات الدولية على دراسة الموقع والتعرف على حجم البقايا الأثرية وتاريخها، والتحقق من وجود بقايا السفينة في الموقع، ومقارنتها بالأبحاث والدراسات السابقة، على أن تعلن نتائج تلك الأبحاث فور نهايتها.
وتأتي هذه الاكتشافات ضمن جهود هيئة التراث في حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، انطلاقًا من عضوية المملكة في اتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه منذ عام 2015م، وبعد إعلان صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة عن تأسيس مركز متخصص لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه بالبحر الأحمر والخليج العربي، وذلك خلال الاجتماع الوزاري لوزراء ثقافة دول مجموعة العشرين الذي نظمته المملكة إبّان استضافتها لقمة العشرين في نوفمبر 2020م.