في زمن أصبحت فيه الأحداث تتسارع كما تتسارع نبضات القلب، ومع الطفرة السكانية التي تشهدها بلادنا، ولمواجهة التغيرات وتقلبات الأحوال الجوية والبيئية، بما يتماشى مع الرؤية السعودية 2030، بات من الضروري إنشاء هيئة عليا لإدارة الأزمات، وتنظيم العمل التطوعي؛ فالواجب يحتم علينا الاستفادة من الأحداث والتجارب التي مررنا بها في الفترات الماضية، بأن نطور من آلية العمل في مواجهة هذه الأزمات، وأن يتم تنظيم العمل التطوعي، ويتم وضع الخطط المسبقة والمدروسة لحماية أبناء هذا الوطن ومقدراته.
وقد شاهدنا في وقت سابق كيف تسببت التغيرات والتقلبات الجوية في إرباك وتعطيل آلاف المسافرين عبر الطيران، والإضرار بمصالحهم، وكيف وقفت شركات الطيران الداخلية عاجزة عن إدارة هذه الأزمة. وكذلك ما يحدث في مشهد آخر عند تجمع مياه الأمطار في وسط المدن، وعند اشتعال الحرائق، وفي حال الاختناقات المرورية، وما ينتج من ذلك من أضرار مادية وبشرية، ووقوف بعض الجهات الحكومية عاجزة عن مواجهة هذه الأزمات، إما لعدم توافر الإمكانيات اللازمة، أو لعدم تأهيل وتدريب المعنيين بذلك، أو لوجود ما يعيق الوصول لمكان الحدث نتيجة تجمهر المواطنين، وغير ذلك من حوادث السيارات الجماعية والكوارث الطبيعية التي قد تحدث - لا قدر الله -، وتكون عواقبها وخيمة ماديًّا وبشريًّا إن لم يتم الاستعداد لذلك مبكرًا.
وتكون مهمة هذه الهيئة وضع الخطط اللازمة والمدروسة لمواجهة هذه الأزمات، بالتنسيق مع الجهات المختصة؛ إذ تخصص كل وزارة موظفًا، تكون مرجعيته لهذه الهيئة لتنفيذ خططها بشكل مباشر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وكذلك تقوم هذه الهيئة بإعلان حالة الطوارئ، والتأهب في حالات الأزمات، كالحروب والكوارث الطبيعية، وتحدد المواقع المنكوبة، وتحذر المواطنين من التوجُّه لهذه المواقع.. وفي حال انتشار الأمراض والأوبئة المعدية كذلك، وكيفية الوقاية من زيادة انتشارها. وتعنى كذلك بنشر الوعي في أوساط المجتمع لمواجهة هذه الأمور، وكيفية التعامل معها عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
ولكون المواطن شريك التنمية والنجاح، ويهمه أمر وطنه ومجتمعه، فمن الضروري إشراكه في الأعمال التطوعية التي تستدعي وجوده في مكان وزمان محدد، وفقًا لتعليمات وإجراءات محددة؛ للمساهمة في تنفيذ خطط واضحة، تم الإعداد لها والتدريب عليها مسبقًا، ويتم الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي للوصول السريع لهؤلاء الأعضاء؛ وبالتالي يتم قطع الطريق على الاجتهادات العشوائية والتجمهر وإعاقة الجهات المعنية عن الوصول في الوقت المناسب، وغير ذلك من الفوائد التي لا تعد ولا تحصى من تخفيض التكاليف، وزيادة ونشر الوعي بين أفراد المجتمع.. والأهم من ذلك كله هو المحافظة على النفس البشرية التي من المؤكد أن العمل التطوعي سيساهم بشكل كبير - بإذن الله - في إنقاذها من الهلاك، أو على أقل تقدير تخفيف الضرر. وتكون من مهام هذه الهيئة وضع القوانين المنظمة للعمل التطوعي، وطريقة إنشاء الجمعيات التطوعية ومهامها ومرجعيتها.