قال وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عواد بن صالح العواد، إن الأوامر والقرارات الملكية التي يأمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على فترات متقاربة تؤكد حرصه -حفظه الله- على مواكبة المتغيرات المحلية والدولية على المستويات والصعد كافة؛ للارتقاء بمستوى أداء أجهزة الدولة، وتقديم أعلى مستوى من الخدمات للمواطن والمقيم وزوَّار الحرمين الشريفين.
وذكر أن هذه الأوامر تنسجم لتحديث وتطوير المنتج الخدمي والإداري لأجهزة الدولة وفق رؤية الحاضر للمستقبل 2030، والطموحات التي أعلنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وتعكس قدرات بلادنا بما أنعم الله عليها من ثروات مادية وبشرية، تحقق الاستقرار لأجيال المستقبل.
وأضاف: ومن هذه الأوامر جاء الأمر الملكي الكريم بتأسيس رئاسة أمن الدولة كجهاز مستقل، يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء؛ لإعطائه قوة التركيز على أمن الوطن والمواطن والمقيم، ومكافحة الإرهاب والتجسس والاختراق الفكري بأشكاله وأنواعه كافة، وبأحدث الوسائل والطرق العالمية أمنيًّا ومعلوماتيًّا، ومراقبة تمويله ماليًّا، إضافة إلى أنه سيختصر الكثير من الإجراءات الروتينية في اتخاذ القرار وسرعة ردة الفعل بحزم وعزم تجاه أي نوايا عدوانية ضد الوطن. كما أنه سيسهل تفرغه وتخصصه في التواصل مع الجهات ذات العلاقة على المستويَيْن الدولي والإقليمي، والعمل على تطوير أدواته، ورفع كفاءته لضمان الدقة في التنفيذ والمتابعة.
وتابع: وتحديد مهام أمن الدولة في القطاعات المعنية بالتعامل الميداني والأمني البحت التي كانت جزءًا من عمل وزارة الداخلية سيجعل من الوزارة أكثر تفرغًا وتركيزًا لتقديم الخدمات المدنية للمجتمع، والمحافظة على مكتسبات التنمية وتطويرها، وضبط النظام، ونشر ثقافة احترام القانون، وحفظ الحقوق المدنية والسلامة للمواطن، من خلال أجهزة الأمن العام ممثلة في الشرطة والمرور والدفاع المدني والجوازات ومكافحة المخدرات، وبقية الخدمات التي تخص المواطنين والمقيمين في السعودية، ورفع كفاءة العمل وسرعة الإنجاز.
وأوضح: ولأن وزارة الداخلية عضو في اللجان الاقتصادية والتجارية والتنموية والأمنية والاجتماعية كافة، وكثير من المجالات الحيوية، فإن إنشاء أمن الدولة من القطاعات الأمنية وقوات الأمن الميدانية يجعل الوزارة أكثر تفرغًا للجانب التنموي والاجتماعي دونما انشغال بالهاجس الأمني وتبعاته الميدانية؛ الأمر الذي يرهق قطاعاتها، ويزيد تشعبها وإرهاقها إداريًّا.
وتابع: وهذا الفصل بين القطاعين يسعى لرفع كفاءات قطاعات الدولة وفق رؤية ٢٠٣٠، وتحسين أدائها بما يلبي التطلعات المستقبلية لبلادنا. وهذا الإجراء له تأثير اقتصادي إيجابي؛ لما يتضمنه من ترشيد إنفاق الدولة، وزيادة الإيرادات من خلال تقديم خدمات أفضل، واستثمار أمثل للموارد. ولو أخذنا مثالاً للخدمات سنجد أن تطوير المرور سيؤدي إلى الحد من حوادث المرور التي يروح ضحيتها الآلاف سنويًّا، ويوفر أموالاً طائلة، تنفق على تبعات الحوادث، خاصة إذا علمنا أن معدل الوفيات لكل ١٠٠ألف في السعودية هو ٢٩، وهو أعلى من المعدل العالمي (لا يزيد على ٦ لكل ١٠٠ ألف).
وبيَّن: وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور وصل إلى 9.031 حالة وفاة في عام 1437 هـ (2015-2016)، ويمثل زيادة بنسبة 18٪ منذ عام 1434 هـ. كما أثرت حوادث المرور على الطرق تأثيرًا سلبيًّا، مع خسارة تقدر بمعدلات تتراوح بين 3.5٪ و5٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. وبلغت نسبة الوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الطرقات بين المدن نحو 65٪ من إجمالي عدد الوفيات في السعودية خلال السنوات الماضية؛ إذ بلغت نحو 5.500 حالة وفاة في 1437 هـ. يُضاف لذلك الخسائر الفادحة التي تتكبدها الدولة في علاج الإصابات والأمراض الناتجة من تلك الحوادث.
ولفت: وهذا يعني أننا بحاجة ماسة لتقليل الخسائر في الأرواح وفي نفقات علاج المصابين وفي الحفاظ على الممتلكات من خلال التركيز على المرور، والرفع من كفاءة العمل. زد على ذلك أن التركيز على مكافحة المخدرات سيساعد في حماية المجتمع من هذه الآفة الخطيرة، وما يرتبط بها من جرائم ومخالفات وأضرار اقتصادية واجتماعية؛ وسيوفر على اقتصادنا الملايين حينما نخلص مجتمعنا من كل ما يجلب له الضرر العقلي والجسدي. ولا شك أن الهاجس الأمني مهم، ولكن العناية بالجانب التنموي مهم كذلك؛ ولذلك فإن هذا الفصل يخلق توازنًا بين الأمن والتنمية المستدامة.
وختم بقوله: وهذا يهيئ الفرصة لاستثمار أجدى للموانئ البحرية والجوية، من خلال العناية بتطويرها وتوظيفها لخدمة الاقتصاد. والأمر نفسه في تطوير الجمارك السعودية والخدمات الأخرى. والمؤمل أن يوفر ذلك كله عشرات المليارات من ميزانية الدولة نتيجة رفع كفاءة العمل، وترشيد النفقات، وحُسن استغلالها.