محبة الأوطان والدفاع عنها شيء فطري مجبول عليه صاحب كل فطرة سليمة, ومن حُرم ذلك الخير فقد حُرم خيراً كثيراً..
كيف لا وقدوة الأمة وقائدها محمد صلى الله عليه وسلم أفصح عن ذلك غاية الإفصاح, فقال: (ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني ما سكنت غيرك).
وقد اجتمعت في بلادنا المملكة العربية السعودية محبتين: الأولى محبة الوطن, والثانية محبة ما أنعم الله عليها به من استيداعها بيته الحرام, وقبر نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وطني أحِبُكَ لا بديل
أتريدُ من قولي دليل
سيظلُ حُبك في دمي
لا لن أحيد ولن أميل
ولعظم مكانة بلادنا الغالية وعظيم أثرها على مدار التاريخ, كان محلاً للمؤامرات والدسائس والكيد من أطراف عدة, لا يجمعها سوى محاولة النيل منها ومن مكانتها التاريخية والجغرافية والدينية.
ولم تكن محاولة أبرهة الأشرم لهدم الكعبة أولها، ولن يكون ما يدور الآن من محاولات آثمة لتقويض أمنها والنيل من استقراها آخرها.
ولكم كنا نتمنى أن تقف محاولات الهدم تلك عند حدود الأعداء المعروفين للأمة الإسلامية ولبلادنا لأنهم مكشوفون بعدائهم, ولكن كانت مصيبتنا عظيمة، وخطبنا جلل, حينما وجهت أصابع الاتهام لجيراننا في البيت الخليجي الكبير، وبالتحديد لدولة قطر!.
يُخادعني العدو فلا أبالي *** وأبكي حين يخدعني الصديق
أما وقد حدث فإننا بحاجة ماسة إلى منهجية راشدة نحفظ بها أمننا ونردع بها عدونا ومن أراد زعزعة استقرارنا.
هذه المنهجية تنطلق من ثابت رئيس, وهو أن أمننا واستقرارنا له الأولوية المطلقة, وما عدا ذلك, يأتي في المرحلة التالية, ومن ثم فإن كافة الإجراءات الكفيلة التي قامت بها حكومة بلادنا بتحقيق هذا الهدف لها وجاهتها ومبرراتها, مهما كان رد فعل الطرف الآخر في الأزمة.
والثابت الثاني أن محاولة رأب الصدع, واحتواء الخلافات لا يمكن أن تأتي على حساب أمننا واستقرارنا, وهو ما يعني أن الطرف الآخر في الأزمة مطالب عاجلاً بالرد المقنع والإجراءات التي من شأنها أن تزيل أسباب الأزمة وتداعياتها, والالتزام بالأعراف الخليجية المستقرة منذ زمن طويل.
والثابت الثاني يأتي من كون المملكة العربية السعودية هي الشقيق الأكبر لكل دول الخليج العربي, بل ولكافة الدول العربية والإسلامية, وهذا ما يجعل إجراءاتها العقابية التي تطال دولة قطر والأنظمة التي تحاول التمرد على التقاليد الخليجية العريقة وزعزعة الاستقرار بعيدة عن المس بالشعوب التي تكن توقيراً غير مسبوق لبلادنا.
نسأل الله تعالى أن تنقشع هذه الغمة وتنكسر هذه المحاولات الآثمة التي تستهدف بلادنا كما انكسرت قبلها كل المحاولات والدسائس, وستبقى السعودية كما هي كبيرة في محبتها, عظيمة في محنتها, وسيلحق الصغار والهوان كل من خان!.
مَنْ يَهُـنْ يَسْهُلِ الهَـوَانُ عَلَيهِ *** مَا لِجُـرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيـلامُ