ظلت العلاقات المصرية السعودية على الدوام، نموذجاً يحتذى للعلاقات الثنائية المثمرة بين الدول، فقد استمرت علاقات أخوية الطابع بين بلدين شقيقين، إلا أنها استمرت أيضاً علاقات مصالح بامتياز، فمنذ عقودها الأولى ارتكزت على تحقيق المصالح المشتركة، وشهدت في عام 1939 بالرياض توقيع "اتفاقية التعمير"، التي قامت مصر بموجبها بتنفيذ عدد من المشروعات العمرانية في المملكة، وقد ساد مبدأ تحقيق المصالح مختلف مجالات التعاون بين الدولتين؛ مما ارتقى بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.
ويقف وراء متانة العلاقات بين السعودية ومصر، رؤية عميقة استقاها الملك عبدالعزيز آل سعود، من أحكام الجغرافيا وحتمياتها، وصاغها في مقولته الشهيرة "لا غنى للعرب عن مصر - ولا غنى لمصر عن العرب"؛ تعبيراً عن الاعتبارات التي تفرض ضرورة التعاون المشترك بين مصر والسعودية، وأهمية كل منهما للأخرى، وذلك كمثال للعلاقات العربية العربية، التي يجب أن تسود بين دول الأمة العربية، وقد شكلت الزيارات الرسمية لقادة البلدين مصدراً من مصادر تطورها، وضمن هذا السياق، تندرج الزيارة الرسمية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى المملكة اليوم (الثلاثاء).
ويحفل سجل التعاون المشترك بين السعودية ومصر بعدد كبير من المشروعات التي تعود بالنفع على البلدين، منها مشروع الربط الكهربائي السعودي المصري، الذي وقعته الدولتان عام 2012 للربط الكهربائي بينهما، وليكون محورًا أساسياً في الربط الكهربائي العربي، الذي يهدف لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية"، وفقاً لموقع "خريطة مشروعات مصر"، الذي أفاد بأن "الجانبين المصري والسعودي تعاقدا مع سفينة مسح عالمية؛ لتحديد نقاط الربط بين البلدين، والمسار الجديد لخط الربط بين البلدين، ومن المقرر إنشاء خطوط النقل ومحطة محولات بنظام التيار المستمر، التي تعد الأحدث في مصر والعام العربي".
وسيؤدي المشروع عند تشغيله إلى تحقيق العديد من الفوائد والمكاسب للدولتين، منها بحسب "خريطة مشروعات مصر"، أن "معدل العائد من الاستثمار سيكون أكثر من 13 في المئة عند استخدام الرابط فقط للمشاركة في احتياطي توليد الكهرباء للبلدين مع مدة استرداد للتكاليف قدرها 8 سنوات، فيما يبلغ معدل العائد من الاستثمار حوالي 20 في المئة عند استخدام الخط الرابط للمشاركة في احتياطي التوليد ولتبادل الطاقة بين البلدين فى فترات الذروة لكل بلد بحد أعلى 3000 ميجاوات"، كما سيتيح المشروع للمملكة في فصل الشتاء تصدير الكهرباء الفائضة في منظومتها إلى مصر، وسيعزز موثوقية الشبكات الكهربائية الوطنية ويدعم استقرارها، وسيحقق الاستفادة المثلى من قدرات التوليد المتاحة فيها، بالإضافة إلى تحقيق طموحات السعودية ومصر لدخول مصادر الطاقة المتجددة ضمن المزيج الأمثل لإنتاج الكهرباء.