أسد الهلال "ياسين بونو".. وُلد في كندا وعاش بالمغرب وأبدع في إسبانيا ونجح بمونديال قطر

كانت النسخة الماضية من بطولة كأس العالم "قطر 2022"، الباب الكبير الذي دخل من خلاله الحارس المغربي ياسين بونو إلى مسرح كرة القدم بنجومية لافتة انعكست على حضور منتخب بلاده ووصوله للمركز الرابع عالميًّا.

ومنذ ختام المحفل العالمي واسم "بونو" يتصدر قوائم أهداف مكاتب السماسرة، ليخطف الهلال السعودي بالمفاوضين المحليين "أسد الأطلس" من بين خشبات "إشبيلية" الثلاث، بعد أن انكشف مستوى الحراسة في النادي؛ إثر الهبوط الملحوظ للحراس "المعيوف، العويس، الوطيان"؛ حيث لا يمكن ترميم الدفاع والوسط والهجوم والدخول في معترك المنافسة دون تأمين "نصف الفريق".

وُلد بونو في مدينة مونتريال الكندية بتاريخ 5 أبريل 1991، لأبوين مغربيين من مدينة فاس هاجرا قبل ولادته، وهذا ما جعله يحصل على الجنسية الكندية بالإضافة لجنسيته الأم (المغربية)، وعمل والده كمهندس دولة ومدرس في مدرسة الحسانية للأشغال العامة، علمًا بأن ياسين يتقن أربع لغات، هي: العربية، والإنجليزية والإسبانية والفرنسية.

وفي عمر الثالثة، عاد مع والديه إلى المغرب، واستقروا في منطقة مرس السلطان بمدينة الدار البيضاء، وهناك بدأ مسيرته الكروية في سن مبكرة، فظهر شغفه بكرة القدم منذ صغره، حين كان يمارسها مع أصدقاء بالحي، فسجله والده في أكاديمية الوداد الرياضي في الدار البيضاء، وهو في الثامنة من عمره، ومع الفريق تدرج في جميع الفئات العمرية، إذ أصبح الحارس الأول للفريق بفضل ردود فعله السريعة وقامته الطويلة، فشارك معه في نهائي دوري أبطال إفريقيا عام 2011.

وفي يونيو 2012 انتقل بونو إلى أتلتيكو مدريد الذي كان يشارك في الدرجة الثانية من الدوري الإسباني، وفي عام 2014 بعد الاستفادة من رحيل تيبو كورتوا ودانييل أرانزوبيا، ارتقى بونو بشكل نهائي إلى الفريق الأول؛ إذ شارك لأول مرة مع الفريق في مباراة ودية انتهت بنتيجة 1-0 في تحضيرات ما قبل الموسم ضد نومانسيا.

وفي سبتمبر 2014 انتقل بونو إلى ريال سرقسطة على سبيل الإعارة لمدة موسمين شارك خلالهما في 42 مباراة، ثم انتقل إلى ناديجيرونا، وهناك تألق وشارك مع الفريق في 84 مباراة؛ حيث نجح مع الفريق بداية موسم 2016- 2017، في الصعود للدوري الإسباني الممتاز لأول مرة في تاريخ النادي، واستمر معه في الموسم التالي، الذي حقق فيه انتصارًا تاريخيًّا على حساب ريال مدريد (2ـ1).

وفي 4 سبتمبر 2020 انتقل إلى نادي إشبيلية، وهناك كتب تاريخه، ففي فبراير 2021 صمدت شباكه دون تلقي أي هدف لمدة 557 دقيقة في الدوري الإسباني، متجاوزًا الرقم القياسي للحارس بيتو البالغ 516 دقيقة والذي سجله عام 2015، كما توج بونو بجائزة "زامورا" التي تُمنح سنويًّا لأفضل حارس في الليغا، متفوقًا على كبار حراس المرمى في العالم، ليكون بذلك أول عربي يحرز تلك الجائزة.

وفي فبراير 2022، دخل بونو تاريخ الدوري الإسباني من جديد في موقعة ديربي الأندلس بين إشبيلية وريال بيتيس، ضمن الجولة رقم 26 من الدوري الإسباني، كما شهدت الدقيقة 41 من عمر المباراة، صناعة الحارس للهدف الثاني لفريقه؛ حيث قام بتسجيله اللاعب منير الحدادي، وانتهت بفوزهم 2-1؛ وبذلك أصبح بونو أكثر حارس مرمى صناعة للأهداف في تاريخ الدوري الإسباني في القرن 21 الحالي بالتساوي مع دودو أواتي، كما أصبح الحارس الوحيد في الدوريات الأوروبية الكبرى الذي يصنع هدفين في الموسم.

وفي النسخة الأخيرة من بطولة كأس العالم، تألق بونو بشكل لافت للأنظار؛ إذ ساهم في تأهل المنتخب المغربي إلى ربع نهائي كأس العالم بعدما حافظ على نظافة شباكه طيلة 120 دقيقة، بالإضافة إلى التصدي لركلتي ترجيح أمام المنتخب الإسباني.

وساهم بونو في وصول المنتخب المغربي إلى نصف نهائي كأس العالم، بعد وقوفه سدًا منيعًا ضد تسديدات لاعبي البرتغال لتنتهي المباراة بفوز المغرب 1-0؛ ليصبح بذلك أول منتخب إفريقي وعربي يصل لهذه المرحلة من البطولة، وكذلك استطاع أن يتصدر قائمة اللاعبين الذين حافظوا على نظافة شباكهم لأكبر عدد من المباريات في هذه البطولة (3 مباريات)، متعادلًا مع إيميليانو مارتينيز حارس الأرجنتين حتى نهاية البطولة، التي حصل فيها منتخب المغرب على المركز الرابع، وهي أفضل نتيجة في تاريخ "أسود الأطلس" والقارة الإفريقية.

وفي مقابلة سابقة مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم قال بونو: "اللعب مع المنتخب المغربي كان حلمًا لديّ منذ أن كنت طفلًا. لطالما أردت أن أسير على خطى بادو الزاكي، الذي كان حارس مرمى رائعًا في المغرب وإفريقيا وكذلك أوروبا".

وأضاف: "أن أكون قادرًا على السير على خطى الزاكي، هو شيء رائع وأشكر القدَر لمنحي الفرصة لتجربة ذلك".

وعلى الجانب الآخر، فإن بادو الزاكي أسطورة المغرب في حراسة المرمى، اعتبر ياسين بونو خليفته، وأكد أنه يستحق مكانته في الدفاع عن عرين الأسود بصفة أساسية؛ وهو الأمر الذي أكده تألقه في مونديال 2022.

ويُعتبر بونو من أبرز اللاعبين المسلمين الذين يتمسكون بأداء الفرائض الدينية، وأبرزها الصيام؛ إذ أكدت تقارير صحفية عالمية أنه يرفض تعليمات أخصائي التغذية والمعد البدني، والذي يطالبه بالإفطار في أيام المباريات حفاظًا على صحته ولياقته البدنية، ولتناول أي وجبة بين شوطي المباراة، أو الاكتفاء بالتمر والماء فقط؛ ولكنه يرفض ذلك ويصر على الصيام، كذلك يخوض اللاعب التدريبات، سواء مع الفريق أو منفردًا وهو ملتزم بصيامه بشكل كامل.

وأكدت تلك التقارير أن بونو يحرص على تناول قدر كافٍ من الكربوهيدرات، والبروتينات السلطات، وشرب المياه بشكل كبير، بالإضافة إلى التمور، لتعويضه عن عدد الساعات الطويلة التي يصوم فيها.

وبعيدًا عن ملاعب كرة القدم، فإن ياسين بونو يعيش حياة أسرية مستقرة مع زوجته المغربية إيمان، التي تَعَرف عليها عندما كان لاعبًا ضمن صفوف فريق الوداد البيضاوي، وتزوجها عام 2012، لتنتقل للحياة معه في إسبانيا؛ حيث أنجبا طفلهما الوحيد.

وتحرص زوجة بونو على مرافقته في المباريات والبطولات، وهو ما عرّضها في بعض الأوقات للتنمر والتعليقات السلبية من قِبَل معجبات حارس المرمى، اللاتي وصفنها بأنها محدودة الجمال، إلا أنها كانت ترد على تلك الرسائل بالسخرية.

حاز ياسين بونو على إعجاب الجمهور العربي المتابع لمونديال قطر، بعدما حضر ندوة صحفية، أصر خلالها على التحدث باللغة العربية، معترضًا على عدم توفر ترجمة فورية بلغته الأم.

وفي مشهد تم تناقله بكثرة حينها، ظهر بونو وهو يجيب على سؤال وُجّه له باللغة العربية، وطلب منه ممثلو الاتحاد الإفريقي التحدث بالإنجليزية أو الفرنسية؛ إلا أن رفض أن يتحدث بلغة غير العربية.