"جواو كانسيلو" لاعب الهلال الجديد.. وفاة والدته أمامه في حادث مروري حوَّلت مأساته إلى قصة نجاح

الظهير الأيمن لعب 100 مباراة بشعار البرتغال
اللاعب البرتغالي جواو كانسيلو
اللاعب البرتغالي جواو كانسيلو
تم النشر في

في عالم كرة القدم حيث يخطف المهاجمون وحرّاس المرمى الأضواء، في كثيرٍ من الأحيان، لا يحظى المدافعون بالاهتمام والتقدير الكافيين، لكن هذا الأمر لا ينطبق على اللاعب البرتغالي جواو كانسيلو؛ أحدث الوجوه المنضمة إلى صفوف فريق الهلال، قادماً من مانشستر سيتي الإنجليزي، بعقد لمدة 3 سنوات ينتهي في يونيو 2027.

وخلال مسيرته الرياضية، استطاع كانسيلو أن يلفت الأنظار ويبقى في مركز الاهتمام بفضل مهاراته داخل المستطيل الأخضر، وهي المسيرة التي يستعد لاستكمالها في الدوري السعودي، خاصة أنه سبق للبرتغالي جورجي جيسوس، مدرب الهلال، تدريب اللاعب في الفترة التي أشرف خلالها على بنفيكا في بلدهما 2009 ـ 2015.

نجاح من رحم المأساة

بدأ جواو كانسيلو قصته مع كرة القدم من شوارع مدينة باريرو في البرتغال، قبل أن يعرف معنى المنافسة الاحترافية، حينما ظهر لأول مرة مع الفريق الأول لبنفيكا، في 25 يناير 2014، في مباراة كأس الدوري مع جيل فيسنتي.

وعلى الرغم من تألقه في تلك المواجهة؛ إلا أن كانسيلو كان يعيش مأساة تفطر القلوب، لأنه في تلك الأثناء فقد والدته، فيلومينا، في حادث طريق قريب جداً من مركز تدريب بنفيكا، على بُعد أميال قليلة جنوب لشبونة.

وكان جواو؛ الذي يبلغ من العمر 18 عاماً آنذاك، أيضاً في السيارة، لكنه عانى إصابات طفيفة فقط، وكذلك شقيقه بيدرو، الذي كان يلعب تحت 19 عاماً في فيتوريا جيماريش، ولكن لم يكن عمره آنذاك سوى تسع سنوات.

ووقع الحادث بينما كانت الأم تصطحب طفليها بعدما اصطحبوا والدهم، خوسيه، إلى المطار، وكانوا عائدين إلى المنزل، إذ كان الأب يعمل في سويسرا، من أجل كسب الرزق لعائلته، وكانت فيلومينا تتنقل بين ثلاث وظائف لتوفير حياة أفضل لأطفالها، الذين قضوا معظم وقتهم مع أجدادهم في باريرو، المدينة الصناعية جنوب لشبونة حيث كانوا يعيشون.

فقدت نور حياتي

عاش جواو فترة في غاية الصعوبة، خاصة أنه كان في ذلك الوقت يتدرّب بانتظامٍ مع الفريق الأول لنادي بنفيكا، ويحلم باليوم الذي يمتلك فيه الإمكانات المالية لإخبار والديه بأنهما لم يعدا بحاجة إلى العمل.

وبعد أيام قليلة من المأساة، كتب اللاعب على وسائل التواصل الاجتماعي: "لقد فقدت نور حياتي، وسبب وجودي. أحبك يا أمي.. أينما كنت، فأنا معك. أريدك أن تعتني بي وتحمي والدي وأخي. أنا ميت من الداخل، لكنني سأكون قوياً وسأمنحك أعظم فخر في العالم. أنت حياتي، دونك لا شيء له معنى.. ارقدي بسلامٍ يا أمي".

وبالفعل، ظل كانسيلو في المنزل لمدة شهر تقريباً بسبب الحزن، ولم يكن يرغب في الذهاب إلى التدريبات، وفكر في التخلي عن كرة القدم، لكن محادثة مع والده غيَّرت كل شيء، إذ عاد جواو بمهمة محدّدة جيداً: جعل والدته فخورة به.

أمّأ جوزيف كانسيلو، والد جواو، فقد كان شخصية محورية في رحلة حياته، فبعد وفاة والدته المأساوية، تولى جوزيف بمفرده مسؤولية إدارة الأسرة وتوفير احتياجاتها. وكان دعمه وتشجيعه المستمر أمراً بالغ الأهمية في تغذية شغف كانسيلو بكرة القدم، وتحفيزه على متابعة مسيرته في هذه الرياضة. وكان تفاني جوزيف وإيمانه بإمكانات ابنه عاملاً أساسياً في تشكيل مسار كانسيلو نحو النجاح.

انتفاضة النجاح

ورغم قسوة فترة وفاة والدته، إلا أن كانسيلو انتفض ليحقق حلمها، فبعد أربعة أشهر فقط، سجّل الظهير الأيمن هدفين منحا فريق بنفيكا تحت 19 عاماً لقب البطولة الوطنية، وفي يناير 2014، ظهر لأول مرة مع الفريق الأول.

وبشكلٍ مفاجئ، في نهاية ذلك الموسم، وبعد خوضه مباراتين فقط مع بنفيكا، تم بيع كانسيلو مقابل 15 مليون يورو إلى فالنسيا، وفي ثلاث سنوات، لعب كانسيلو ما يقرب من 100 مباراة مع المنتخب، وهي الفترة التي نضج فيها كثيراً.

ذكريات الطفولة

ورغم نجاحاته في المستطيل الأخضر، فإن كانسيلو لا يزال يتحدث بتأثر عن ذكريات طفولته، فقال: "أنا من عائلة متواضعة. في البرتغال لا يوجد عمل في أغلب الأحيان؛ كان على والدي أن يذهب إلى سويسرا لكسب المال لدعم أسرتنا".

وأضاف: "كنت أعيش مع أجدادي من جهة أمي، لذلك نادراً ما كنت أرى والدتي أثناء النهار؛ في وقت من الأوقات كانت لديها ثلاث وظائف مختلفة، ولم أكن أراها إلا وقت العشاء"، متابعاً: "إن القيم التي غرساها فيّ، أمي وأبي، هي التواضع والحب والتفاني والالتزام، وهي القيم التي أخذتها منهما منذ طفولتي".

وواصل كانسيلو: "أمي هي الشخص الذي أعجب به أكثر من أي شخصٍ آخر في هذا العالم. أعتذر لوالدي -وأعلم أنه لن يأخذ الأمر على محمل شخصي- لكن أمي تشبهني أكثر، فشخصيتها تشبه شخصيتي إلى حد كبير. أنا وحدي مَن يعرف ما فعلته من أجلي؛ الصعوبات التي مررنا بها معاً، والمحادثات التي دارت بيننا عندما لم يكن لدينا مالٌ في المنزل".

وقال اللاعب: "كنت أقول لها إنني سأحاول أن أفعل كل ما في وسعي لأمنحها مستقبلاً أفضل، حتى لا تضطر إلى العمل مرة أخرى، واليوم، على الرغم من أنها حيث هي، أفعل كل شيء لجعلها فخورة بي".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org