استطاع نادي الهلال أن يحسم صفقة جديدة من العيار الثقيل، تنضم إلى سلسلة الصفقات القوية التي أبرمتها الأندية السعودية خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية؛ فكان المهاجم البرازيلي الشهير "نيمار دا سيلفا" هو أحدث الوجوه المنضمة إلى دوري المحترفين في السعودية.
ووافق نادي باريس سان جيرمان، بطل دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم، على بيع مهاجمه البرازيلي نيمار إلى الهلال، الذي اشترى المتبقي من عقد النجم العالمي لقاء ٩٠ مليون يورو، بينما سيحصل نيمار على 100 مليون يورو رتبًا سنويًّا؛ ما يجعله ثاني أعلى اللاعبين أجرًا في الدوري السعودي بعد كريستيانو رونالدو.
وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه نيمار في الملاعب إلا أن حياته لم تكن أبدًا بتلك السهولة؛ إذ عاش طفولة قاسية، عانى فيها من الفقر وضيق ذات اليد.
وُلد نيمار دا سيلفا في الـ5 من فبراير عام 1992 بمدينة ساو باولو البرازيلية لأسرة متواضعة الحال؛ وكان والده "نيمار الأكبر" لاعبًا سابقًا لكرة القدم، واضطر إلى الاعتزال مبكرًا لإصابة ألمت به في القدم؛ وكان عليه أن يعمل في 3 وظائف مختلفة في اليوم الواحد لتوفير المال اللازم لأسرته؛ إذ عمل بائعًا وميكانيكيًّا وعاملاً في الوقت نفسه.
وعن تلك الفترة تحدث نيمار عن فضل والديه عليه، وقال: "أمي هي من تقود الأسرة. من دونها نشعر جميعًا بالضياع؛ فهي تساندنا بقوة طوال الوقت. وقد أصبحت مقربًا للغاية من أمي وأنا صغير؛ إذ انشغل والدي بكثرة الترحال منذ سنوات، بعد أن كان لزامًا عليه أن يسافر كثيرًا لكسب المال".
أما طفولته فكانت عبارة عن سلسلة من مواجهات الفقر؛ ففي عمر مبكر اضطر مع شقيقته للتعايش مع أزمة انقطاع الكهرباء في المنزل طوال الوقت؛ لعدم قدرة الأبوين على سداد مصاريفها؛ لذا كان الطفلان يستذكران دروسهما على أضواء الشموع.
وفي عمر 4 أشهر فقط واجه نيمار الموت، ونجا منه بمعجزة، حينما كان داخل سيارة الأسرة وقتما سقطت عليهم حافلة من أعلى الجبال المحيطة بهم؛ ليعاني الجميع من الإصابات، بمن فيهم نيمار الذي كان محظوظًا بالخروج من الحادث سليمًا إلا من إصابة في الرأس بسبب الزجاج المهشم.
وداخل المستطيل الأخضر يتميز نيمار بالمهارة العالية، كالمراوغة، السرعة، الابتكار، التمرير والقدرة على اللعب بكلتا القدمين، حتى أنه سجل أكثر من 100 هدف لثلاثة أندية مختلفة؛ ما يجعله واحدًا من ثلاثة لاعبين حققوا ذلك.
في عمر السادسة تميَّز نيمار في ملاعب الشوارع، ومنها إلى ملاعب كرة السلة التي كانت تحتضن مباريات كرة الصالات، وبرع فيها الصغير بصورة مفاجئة، وتطور من خلالها سريعًا؛ فاكتسب مهارات اللعب في الأماكن الضيقة، وحصل على شهرة واسعة بين أقرانه.
وفي هذا الوقت عرف والده، لاعب الكرة السابق، أن حلمه القديم يمكن أن يتحقق في طفله؛ فساعده في أخذ اللعبة على محمل الجد حتى يصبح محترفًا، وبالفعل في عمر الـ11 عامًا كان نيمار قد انضم إلى صفوف الشباب في "إف سي سانتوس"، وتم قبوله في برنامج الشباب للنادي الإسباني الشهير "ريال مدريد"، لكنه قرر البقاء في البرازيل بعد أن عُرض عليه راتبٌ أعلى.
وخلال وجوده في سانتوس أصبحت مهارات نيمار الكروية حديث المدينة؛ فتنافست أكبر الأندية في العالم مع بعضها لتوقيعه، حتى جاء عام 2013، وفيه وقع مع برشلونة، وهناك استطاع أن يكتب التاريخ بأهداف لا تنسى، كما انضم إلى صفوف المنتخب البرازيلي، وساعد فريقه على بلوغ نصف نهائي كأس العالم 2014 الذي أُقيم في البرازيل. وفي عام 2017 انتقل إلى باريس سان جيرمان في صفقة قياسية، هي الأضخم في تاريخ كرة القدم؛ إذ بلغت قيمتها 222 مليون يورو.
وبرصيد 73 هدفًا في 118 مباراة مع البرازيل، منذ مشاركته لأول مرة في سن الثامنة عشرة، يعد نيمار ثاني أفضل هداف في تاريخ منتخبه خلف بيليه فقط؛ إذ كان لاعبًا أساسيًّا في تحقيق البرازيل بطولة أمريكا الجنوبية للشباب تحت 20 سنة 2011، وأنهى البطولة بوصفه أفضل هداف. وكذلك كأس القارات 2013؛ إذ فاز بالكرة الذهبية بوصفه أفضل لاعب في البطولة. كما قاد البرازيل إلى تحقيق أول ميدالية ذهبية أولمبية في كرة القدم للرجال في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2016، كما شارك في كأس العالم 2018، وتغيب عن بطولة كوبا-أمريكا 2019 بسبب الإصابة، وساهم مع البرازيل في الوصول إلى النهائي في بطولة 2021.
وحصل نيمار مرتين على جائزة أفضل لاعب في أمريكا الجنوبية في عامَي 2011 و2012، وفاز بالثلاثية المكونة من الدوري الإسباني وكأس الملك ودوري أبطال أوروبا في موسم 2014–2015، واحتل المركز الثالث في جائزة الكرة الذهبية عن أدائه لعام 2015، ثم حصل على الثنائية المحلية في موسم 2015–2016.
وفاز نيمار بثلاثة ألقاب في الدوري، ولقبين في كأس فرنسا، ولقبين في كأس الرابطة الفرنسية، التي تضمنت ثلاثية محلية، وحصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الفرنسي في موسمه الأول.
وفي العام الماضي كشفت تقارير صحفية فرنسية عن أزمة كبرى بين نيمار والفرنسي كيليان مبابي؛ بسبب ما أطلق عليه "تعظيم" دور مبابي مع باريس سان جيرمان على حساب نيمار.
وقالت صحيفة "ليكيب" الفرنسية إن التوتر بين الثنائي وصل لأعلى مستوياته عندما انتقد أحد مشجعي الفريق عبر منصة "إنستغرام" سياسة باريس سان جيرمان بجعل مبابي أهم لاعب في الفريق على حساب نيمار، وأبدى النجم البرازيلي إعجابه بهذا المنشور؛ ليثير الجدل داخل إدارة النادي الفرنسي.
وفي عام 2020 تبرع نيمار بمبلغ 940 ألف يورو (نحو مليون دولار) لصالح المتضررين من أزمة تفشي جائحة كورونا، وأوضحت شبكة "إس بي تي" التلفزيونية بالبرازيل أن نيمار تبرع بجزء من هذا المبلغ لصالح صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). كما ذهب جزء آخر من هذا المبلغ لصالح صندوق التكافل الذي دشنه عدد من الفنانين، ويديره مقدم البرامج التلفزيونية البرازيلي لوتشيانو هاك صديق نيمار، وفقًا لما نقلته "وكالة الأنباء الألمانية".
ومؤخرًا تعرَّض نيمار لواقعة غريبة تمامًا؛ إذ كشفت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية أن مشجعًا برازيليًّا قرر في وصيته التنازل عن ثروته المالية للاعب! وكتب المشجع البرازيلي في وصيته: "أنا أحب نيمار. العلاقة مع والده تذكرني كثيرًا بالعلاقة مع والدي الذي وافته المنية".
وأضاف الشخص البالغ من العمر 30 عامًا: "لست بصحة جيدة جدًّا؛ ولهذا السبب رأيت أن نيمار الأحق بثروتي. لا أريد أن تذهب أموالي للحكومة أو أقاربي الذين لا يتواصلون معي".
وفسر المشجع البرازيلي قراره المثير للجدل بأن "نيمار ليس جشعًا، وهو أمر نادر جدًّا هذه الأيام!".