وتبقى كرة القدم لا يشبهها شيء، فهي معشوقة الملايين، وهي الحماس والانتماء والمتعة؛ غير أن الأخيرة هي التي تصاب غالبًا بأخطاء الحكام دون أن نتهم أحدًا بتعمد ذلك.
غدًا الخميس تنتظر الجماهير السعودية حلقة جديدة من ديربي العاصمة المذهل، بين قطبيها الهلال والنصر، ويأتي ذلك في توقيت تصاعدت فيه انتقادات الأخطاء التحكيمية المتكررة، والتي يرى فيها كل طرف إما أنه تعرض لها، أو سبق واكتوى بنارها، وبغض النظر عن الاثنين؛ فإن ما يبدو حتى مع كونه مراجعة دورية لأخطاء الحكام وهي مستمرة عمومًا؛ فإن بيان (دائرة الحكام) الأخير حول اعتبار ركلة الجزاء المحتسبة في آخر مباراة للفريقين؛ ليس له معنى، سواء أثبت صحتها أو خطأ احتسابها، دون إشارة عن إجراءات تحسين أو تذكير بمرجعيات الفيفا مثلًا في الموضوع؛ مما يجعله بلا قيمة؛ بل مدعاة لإعادة بعض البلبلة؛ فهو لم يفد أحدًا، ولم يحمل تنويهًا أو قرارًا أو حتى التزامًا مستقبليًّا بأي تصحيح.. فما الداعي له؟!
ومع كل ذلك فيجب أن يقر الجميع -وبحسب شهادة الخبراء- بأن الأخطاء التحكيمية هي جزء من سلبيات اللعبة وهي باقية ما بقيت. وهي أيضًا في كل مكان تلعب فيه كرة القدم، وفي الشواهد التاريخية الكثير وبعضها كان أنكى وأشد مرارة.
"سبق" تستعرض في ثنايا هذا التقرير أبرز خمسة أخطاء تحكيمية مؤثرة في تاريخ الكرة على الإطلاق كالتالي:
- الأكثر شهرة: هدف مارادونا: هدف الأسطورة الأرجنتينية دييجو مارادونا في مباراة ربع نهائي كأس العالم في المكسيك عام 1986، التي جرت بين منتخبي الأرجنتين وإنجلترا، عندما احتسب الحكم التونسي علي بن ناصر الهدف الذي استخدم فيه النجم الشهير يده في إحراز الهدف الأول، قبل يقدم فاصلًا تاريخيًّا ويسجل الهدف الثاني لتتأهل إلى النهائي وتنال لقب بطولة العالم.
- في 2002م وفي مباراة منتخبي إسبانيا وكوريا الجنوبية ضمن منافسات دور الثمانية في نسخة 2002 التي أقيمت في كوريا الجنوبية، منح الحكم المصري جمال الغندور، الإسبان هدفين صحيحين بقرار من مساعديه.
- في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم في 2010، حرم الخطأ التحكيمي منتخب إيرلندا الشمالي من التأهل إلى النهائيات التي أقيمت في جنوب إفريقيا بعد خسارته أمام المنتخب الفرنسي بهدف للاعب تيري هنري الذي استخدم يده في تهيئة الكرة ومررها لزميله ليحرز منها هدف التأهل.
- الهدف الشهير الذي تسبب في الحصول على كأس العالم في مباراة شهيرة فازت بها ألمانيا؛ حيث سجل لاعبها جيف هيرست هدفًا في نهائي 1966م بتسديدة ارتطمت في العارضة، ولم تعبر خط المرمى، ومع ذلك احتسبها الحكم السويسري جوتفريد دينست، بعد ما استشار مساعده السوفيتي توفيك باشراموف، الذي أشار إلى صحة الهدف، لتفوز إنجلترا بعد ذلك 4- 2، وتتوج بلقب كأس العالم.
من الحوادث الشهيرة التي تتذكرها الجماهير الأرجنتينية ركلة الجزاء المشكوك فيها في مباراة منتخبها مع ألمانيا في نهائي 1990م، والتي لم يحتسبها الحكم إدجاردو كوديسال؛ مما نتج عنه فوز الألمان بنسخة كأس العالم حينها.
وفي العالم العربي أخطاء أيضًا لا تقل عن ذلك كما هو أيضًا في الدوريات المحلية، وهي أخطاء تكررت وستبقى أيضًا. وبرغم إدخال التقنية لمساعدة الحكم مثل (VAR) منذ 2018م و(تقنية خط المرمى) وغيرها؛ إلا أنها تعد استشارية ولا يلزم بها الحكم. في حال كان مقتنعًا ومتأكدًا من قراره.
وحول ذلك يؤكد الخبير التحكيمي السعودي عبدالرحمن الزيد في تصريحات إعلامية له بأن حكم (VAR) ليس له علاقة إطلاقًا؛ لأن هناك فنيًّا مختصًّا باللقطات، وينحصر دوره في إبلاغ الحكم بالخطأ.. وأضاف: حكم الفار لا علاقة له، فالذي أمامه لقطات فيديو من الناقل الرسمي عبر مجموعة من الكاميرات ولا يتحكمون في اختيار زوايا أو لقطات معينة. وهنا يأتي الحكم ويشاهد اللقطات وقد يعيدها عدة مرات ويتأخر ثم يتخذ القرار الذي يراه بالاحتساب أو الإلغاء. ويخلص إلى أن حكم المباراة ليس ملزمًا إطلاقًا بما يقدمه له حكام الفيديو أو "الفار" من اللقطات، فهو صاحب القرار النهائي أولًا وأخيرًا وهو من يتخذ القرار. وهناك حالات عديدة لم يأخذ الحكام بما قُدّم إليهم من لقطات فيديو.
هذا فيما يرى الإيطالي روبرتو روزيتي رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، أن السبب الذي يجعل التكنولوجيا عاجزة عن حسم مثل هذه القرارات أنها تقديرية للحكام بناء على اعتبارات محددة وضعها قانون اللعبة، أما فيما يتعلق بالمسافات والمقاييس فقد تجدي التكنولوجيا في إيقاف مثل هذه الأخطاء، وإن كان الفار يقوم تقريبًا بهذا الدور حاليًا، ومع ذلك لم يتوقف الجدل؛ بل ازداد صخبًا".