على أحد الجدران المنهارة في قطاع غزة يظهر أسماء الأطفال الثلاثة (عمر وعبدالله وماسة)، التي كُتبت باللون الأحمر في إشارة إلى المكان الذي دُفنوا فيه أحياء بسبب غارة جوية إسرائيلية على القطاع الفلسطيني في نوفمبر الماضي، حسبما يقول أقاربهم.
وفي التفاصيل، قال محمد أبو عويضة، أحد أقارب الأطفال الثلاثة الذين ما زالت جثثهم تحت الأنقاض: "أنا كل يوم آتي إلى البيت هنا. الحمد لله رب العالمين. كل يوم آتي على الركام. هنا 3 أطفال (عمر وعبدالله وماسة). لعل وعسى أستطيع أن أُخرج رفاتهم، أو ألقي النطرة الأخيرة على ما تبقى منهم. نسأل الله أن يخرجهم على خير ونراهم".
وأضاف محمد: "الأطفال الثلاثة ضمن 16 طفلاً قُتلوا في هذه الغارة، وكان أحدهم ابني البالغ من العمر 18 شهرًا، الذي انتشلتُ جثته من تحت الأنقاض"، وفقًا لـ"سكاي نيوز عربية".
والأطفال الثلاثة من بين آلاف الفلسطينيين الذين ما زالوا في عداد المفقودين بعد 100 يوم من الحرب؛ ما يشير إلى أن عدد القتلى قد يتجاوز الرقم الذي سجلته السلطات الصحية في القطاع، الذي يبلغ نحو 24 ألفًا.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عندما اقتحم مسلحون من حماس بلدات إسرائيلية، ما أدى إلى مقتل 1200 شخص، واختطاف 240 آخرين، وفقًا لما أعلنته إسرائيل؛ لتصبح بذلك أكثر الحروب دموية في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين الممتد منذ عقود.
وتشير تقديرات السلطات الصحية في غزة إلى أن نحو 40 في المئة من القتلى تقل أعمارهم عن 18 عامًا. وقال أبو عويضة: "ابني عمره سنة ونصف السنة. نيمته في الحجرة هنا. وضعت ابني نائمًا على الفرشة، واستُشهد وهو نائم. ما ذنبه؟".
وكانت بعض مواد البناء والمعادن منتشرة على الأرض، بينما كان أبو عويضة يزور المنطقة مع ابنته الصغيرة.
وتابع: "خلاص، لم يتبقَّ لنا شيء. المنزل كما تراه، كله انهار. هذا مجهود أبي الله يعطيه الصحة. 40 أو 50 سنة وهو يتعب لكي يبنيه. في لحظة كله انتهى، كله أصبح من الذكرى، كله صار من الماضي من دون سابق إنذار".
واضطر جميع سكان غزة تقريبًا، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إلى ترك منازلهم خلال الهجوم الإسرائيلي الذي أدى إلى تدمير القطاع.
ويتذكر زياد منصور، وهو أحد الجيران، كيف كان يشاهد من شرفته أطفال أبي عويضة وهم يلعبون، وقال: "14 طفلاً في هذا البيت راحوا في غمضة عين. أبوهم وأمهم وإخوانهم يأتون كل يوم، يتمنون أن يخرجوهم ويدفنوهم. نعلم علم اليقين أنهم عادوا عند رب العزة".
وقال محمد المغير من الدفاع المدني في غزة إن السكان يتصلون لطلب المساعدة في انتشال الأطفال من تحت الأنقاض في بعض المناطق، منها شمال غزة، لكن يصعب الوصول إليهم بسبب العمليات العسكرية.
وأضاف: عمال الإنقاذ واجهوا صعوبات، من بينها الجانب والبعد النفسي لطواقم الدفاع المدني التي تتعامل بشكل مباشر مع الجثث، ومع المواطنين الذين لهم ما يزيد على شهرين تحت الأنقاض، وكذلك نعاني قلة الإمكانيات، وتعطل الآليات والجرافات.