يجعل الاحتباسُ الحراري العالمي الطقسَ الحار "أكثر خطورة"؛ وفق دراسة جديدة لباحثين بريطانيين؛ ليس فقط بسبب زيادة درجات الحرارة، ولكن أيضًا لأن العالم غير مستعد بعدُ لمواجهة هذه الزيادة، كما يقول الباحثون الذين تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وحسب موقع "الحرة"، تشير الدراسة إلى أن الاحتباس الحراري يجعل الطقس "الحار بمستويات خطيرة" أكثر شيوعًا وأكثر تطرفًا في كل قارة في العالم.
وتحدد الدراسة الأماكن الأكثر عُرضة للخطر حول العالم؛ بما يتعلق بالاستعدادات لمواجهة الطقس المتطرف.
وتشير الدراسة إلى وجود عوامل تجعل مجتمعات أكثر ضعفًا من غيرها بشكل ملحوظ، كما تجعل شرائح داخل تلك المجتمعات أكثر حساسية للتغير المناخي من غيرها.
على سبيل المثال "يعاني كبار السن الذين يعيشون بمفردهم" في موجات الحر، بشكل أكبر من غيرهم؛ حيث سُجلت وفيات عديدة نتيجة الموجة الحارة في أوروبا العام الماضي.
ويعاني الفقراء منهم أكثر؛ إذ تعاني شريحة العمال الفقراء "الذين لا يمتلكون خيارات سوى العمل في الطقس الحار".
وتقول الدراسة إن "المجتمعات التي لم تتعرض بعدُ لموجة حارة متطرفة؛ هي الأكثر احتمالًا للتأثر بشدة في حال وقوع تلك الموجة"؛ لأنها ببساطة لم تستعد لها بعد.
وحصل شيء مشابه في أوروبا خلال صيف العام الماضي، حينما ضربت موجة حارة بشكل غير مألوف لندن، التي لا تمتلك العديدُ من منازلها أجهزة تبريد مناسبة.
كما تَسبب الحر الشديد في موجة حرائق كبيرة في فرنسا.
في المقابل، تضرب درجات حرارة أعلى دول الشرق الأوسط بدون أضرار كبيرة؛ بسبب "الاستعداد المسبق لتلك الموجات".
وتشير الدراسة التي حللت درجات الحرارة اليومية القصوى حول العالم بين عامي 1959 و2021، إلى أن 31% من سطح الأرض "شهد حرارة وفق معدلات غير ممكنة إحصائيًّا"، خلال هذه الأعوام؛ مما جعلها مستعدة لموجات الحر.
وتُظهر الدراسة الجديدة أن النوبات الساخنة التي تقع خارج نطاق المعقولية الإحصائية قد حدثت في جميع أنحاء العالم طوال العقود القليلة الماضية؛ مما يشير إلى أنها يمكن أن تحدث مرة أخرى، في أي مكان.
في المقابل هناك أماكن لم تشهد بعدُ هذه الموجات، مثل ألمانيا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة ببكين، ودول نامية مثل أفغانستان وغواتيمالا وهندوراس وبابوا غينيا الجديدة، التي من المرجح أن تفتقر إلى الموارد اللازمة للحفاظ على سلامة الناس.
وتشمل المناطق الأخرى المعرضة للخطر بشكل خاص، أقصى شرق روسيا، وشمال غرب الأرجنتين، وجزءًا من شمال شرق أستراليا.
ووفقًا لتوقعات درجة الحرارة العالمية السنوية لمكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة؛ من المرجح أن يكون عام 2023 واحدًا من أكثر الأعوام سخونة على الإطلاق، كما يقول موقع "Earth".
ووفقًا للموقع سيرتفع متوسط درجات الحرارة إلى 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
وإذا تَبين أن هذه التوقعات صحيحة، فستكون هذه هي السنة العاشرة على التوالي مع درجات حرارة عالمية أعلى من 1 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما بعد الصناعة.
وحتى الآن، كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق -منذ أن بدأ العلماء في تتبع درجات الحرارة العالمية في عام 1850- هو عام 2016؛ وهو العام الذي لعب فيه نمط مناخ "النينيو" في المحيط الهادئ دورًا رئيسيًّا في زيادة درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، يحذر العلماء من حقيقة أن متوسط درجات الحرارة العالمية عند أو فوق 1 درجة مئوية لمدة عقد من الزمان، يخفي التباين الكبير في درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم؛ حيث ارتفعت درجة حرارة مواقع مثل القطب الشمالي بعدة درجات فوق أوقات ما قبل الصناعة.
ومما يزيد القلق بشكل خاص؛ أن عام 2023 الحالي حطم بالفعل عدة أرقام قياسية لدرجات الحرارة المرتفعة حتى قبل أن يبدأ الصيف.
ويقول موقع منظمة الأرصاد الجوية العالمية: إن مارس الماضي كان "ثاني أدفأ شهر مارس" منذ بدأ تسجيل درجات الحرارة.
كما أن يناير الماضي حطّم العديد من الأرقام القياسية بالنسبة لدرجات الحرارة المرتفعة في بلدان أوروبا، بعد أن سجلت الحرارة ارتفاعًا بنحو 10 درجات فوق معدلاتها المعتادة؛ وفقًا لـ"واشنطن بوست".