يُقدر حجم القلب بالنسبة لكل شخص بحجم قبضة يده تقريباً، أما وزن القلب فيراوح بين 200 و450 جراماً فقط، ورغم هذه الأبعاد المادية الدقيقة، إلا أن القلب ينهض بمهام هائلة للغاية لا تتناسب مع أبعاده، فيضخ 7571 لتراً من الدم يومياً إلى كل أجزاء الجسم وخلاياه، بوساطة أكثر من 100 ألف نبضة، ويستمر القلب بهذا الأداء المنتظم طيلة عمر الإنسان دون توقف، فما تأثير الصوم في القلب؟ وكيف يريحه من عناء حركتَي الانقباض والانبساط دون انعكاسات على وظيفته في ضخ الدم إلى الجسم؟ وما مقدار ما يوفره الصوم على القلب من عمل؟
خلصت الدراسات التي أجريت على تأثير الصوم في القلب إلى أنه لا يؤثر في حجم القلب أو وزنه، لكنه يفيده ببعض الفوائد منها: تنقية الدم، وإتاحة الفرصة للقلب بالتغذي على دم نقي، والسماح للقلب بالراحة، وحول هذه الفائدة الأخيرة، وجد الأطباء أن معدل دقات القلب يصل إلى 80 دقة في الدقيقة بالنسبة للإنسان الطبيعي، بما يعادل 115200 دقة خلال ساعات اليوم الواحد، لكن لوحظ تناقص عدد دقات القلب إلى 60 دقة في الدقيقة في أثناء الأيام الأولى للصوم، ثم يثبت القلب على هذا المعدل بقية شهر رمضان.
وفي تحليل الأطباء لمدلولات النقص في الدقات، خلصوا إلى أن النقص في دقات القلب خلال الصوم يوفر على القلب 24800 دقة في اليوم، بما يعني أن الصوم يريح القلب من ربع حجم العمل الذي يقوم به وهذه نسبة كبيرة ومذهلة من الناحية الكمية، أما من الناحية الكيفية، فإن الصوم يحسّن قوة دقات القلب وشدتها، واستفادة القلب من فوائد الصوم كمياً وكيفياً تمكنه من استعادة كامل نشاطه ومواصلة عمله على هذه الوتيرة بقية شهور السنة.
من الأسئلة التي تطرح نفسها هنا، كيف يوفر الصوم على القلب ربع عمله دون التأثير في الجسم؟ وفي الإجابة عن السؤال، اكتشف العلماء أن النقص في دقات القلب ناتج من حالة الاسترخاء والراحة التي تدخل فيها بعض أجهزة الجسم، ومنها الجهاز الهضمي، الذي يستحوذ وحده على عشرة في المئة من إجمالي كمية الدم، التي يضخها القلب إلى الجسم في غير شهر رمضان، لكن في أثناء الصوم يرتاح الجهاز الهضمي، فيتوقف القلب عن ضخ كل هذه الكمية، وينطبق حال الجهاز الهضمي على أجهزة أخرى.