يترقب علماء الفلك حدثًا "استثنائيًّا" يتمثل في انفجار كوني يقع "مرة واحدة في العمر"؛ حيث يُتوقع أن يحدث الانفجار الساطع في مجرة درب التبانة خلال الأشهر المقبلة، وسيكون مرئيًّا في السماء بالعين المجردة، حسب شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية.
وسيكون هذا الحدث، المعروف باسم "NOVA"، فرصةً لمراقبة السماء لمرة واحدة في العمر لأولئك الذين يعيشون في نصف الكرة الشمالي؛ وفقًا لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"؛ لأن أنواع الأنظمة النجمية التي تحدث فيها مثل هذه الانفجارات ليست شائعة في المجرة.
وحسب "إن بي سي نيوز"، سيحدث الانفجار النجمي في نظام يسمى "تي كورونا بورياليس" (T Coronae Borealis)، الذي يبعد عن الأرض 3000 سنة ضوئية؛ حيث يحتوي على نجمين؛ نجم ميت يُعرف باسم "القزم الأبيض"، يدور حوله نجم "العملاق الأحمر".
ونجوم "العمالقة الحمراء" هي نجوم تحتضر؛ إذ ينفد وقود الهيدروجين الموجود في قلبها. ووفق وكالة "ناسا" فإن هذا ما ستتحول إليه الشمس في النهاية.
وحسب الشبكة الأمريكية؛ فإن في أنظمة مثل "T Coronae Borealis"، عادة ما يكون النجمان قريبان جدًّا من بعضهما؛ لدرجة أن وقود الهيدروجين من "العملاق الأحمر" يتدفق باستمرار على سطح "القزم الأبيض"، وبمرور الوقت، يؤدي هذا إلى زيادة الضغط والحرارة، وفي النهاية إلى انفجار.
وقال الأستاذ الفخري للفيزياء وعلم الفلك في جامعة ولاية لويزيانا الأمريكية، برادلي شيفر: "مع تراكم وقود الهيدروجين على سطح القزم الأبيض؛ يتزايد التسخين ويحدث ضغط أعلى وأعلى حتى الانفجار".
وشبّه "شيفر" انفجار "المستعر"، بقنبلة هيدروجينية تنفجر في الفضاء؛ مضيفًا أن كرة النار الناتجة سيتمكن الناس من رؤيتها من الأرض.
ويختلف انفجار المستعر عن انفجار المستعر الأعظم، الذي يحدث عندما ينهار نجم ضخم ويموت.
وقال شيفر: "في ذروة الانفجار، يجب أن يكون الثوران مرئيًّا بالعين المجردة، وسيكون ساطعًا في السماء؛ لذا من السهل رؤيته من الفناء الخلفي للمنزل".
يتوقع علماء الفلك أن انفجار المستعر يمكن أن يحدث في أي وقت من الآن وحتى سبتمبر المقبل.
وذكر "شيفر" أن آخر مرة انفجر فيها هذا النظام النجمي كان في عام 1946، ومن المرجح ألا يحدث ثوران آخر قبل 80 عامًا أو نحو ذلك.
ويحرص علماء الفلك حول العالم على مراقبة النشاط في نظام "T Coronae Borealis"؛ إذ يقول "شيفر" إنه بمجرد اكتشاف الانفجار؛ فمن المرجح أن تأتي أفضل وألمع المشاهد في غضون 24 ساعة؛ لافتًا إلى أنه سيصل إلى نفس سطوع "نجم الشمال" تقريبًا، وقد يظل الانفجار مرئيًّا بالعين المجردة لبضعة أيام، قبل أن يبدأ في التلاشي.
وحتى بعد أن يخفُت؛ من المحتمل أن يظل مراقبو السماء قادرين على رؤية الانفجار لمدة أسبوع تقريبًا باستخدام المنظار؛ وفقًا لوكالة ناسا.
وفي بحث نُشِر العام الماضي في المجلة الأكاديمية "تاريخ علم الفلك"؛ اكتشف شيفر انفجارين مفقودين منذ زمن طويل في نظام "تي كورونا بورياليس"، في السجلات التاريخية؛ أحدهما وثّقه رهبان ألمان عام 1217، والآخر شاهده عالم الفلك الإنجليزي فرانسيس ولاستون عام 1787.
وقال "شيفر" إن هؤلاء الرهبان بالقرب من أوغسبورغ، ألمانيا، لم يعرفوا ماذا كان هذا في ذلك الوقت؛ لكنهم سلطوا الضوء على الانفجار باعتباره أحد أهم حدثين في العام، وأطلقوا عليه باللاتينية "signum mirabile"، والذي يترجم إلى "فأل خير"؛ حيث كان يُعتقد أنها علامة جيدة.